في المونديال السابق خرجت الفرق العربية الآسيوية كلها من السباق إلى النهائيات، ولو لم تتأهل الجزائر عن قارة إفريقيا لكان مونديال 2010 بلا العرب. المونديال المقبل يبدو أنه حلم صعب المنال على عرب آسيا، وربما انحصر هذا الحلم بالفريقين الأردني والعراقي، بعدما فرطت كل من قطر وعمان بنقاط كانت في متناولها على أرض خصيميهما كوريا الجنوبية وأستراليا، وبعدما وضع لبنان نفسه في نفق لا يخرقه بصيص نور إلا بمعجزة كروية بعد خسارته في طشقند أمام أوزبكستان بهدف من كرة (ضالة) هداها لاعب لبناني إلى مرمى شباك فريقه. الخماسي العربي الذي يخوض التصفيات الآسيوية الحاسمة لمونديال 2014 بينه فريقان خليجيان فقدا -أو كادا- الأمل في التأهل، إضافة إلى اللبناني الذي يعتبر وصوله إلى هذا الدور إنجازاً بحد ذاته، لذا تتركز الآمال في بطاقة أو نصف بطاقة في المجموعة الثانية التي استطاع المنتخب الأردني أن يرتقي من القاع إلى الوصافة بإنزاله أول هزيمة بالياباني المتصدر، ويتنافس مع أستراليا، إضافة إلى الفريقين العربيين الآخرين العراق وعمان على البطاقة الثانية والمركز الثالث الذي يؤدي إلى الملحق الآسيوي ثم إلى المباراة مع خامس أمريكا الجنوبية. إضاعة الفرص ومن ثم النقاط والفشل في الحفاظ على الفوز أو التعادل والتفريط به في آخر ثانية (عاهة) لازمت الفرق العربية في هذه المحافل العالمية وإن دلت على شيء فعلى عدم النضوج في الاحترافية واكتساب الخبرات، وحين تتشارك الفرق العربية التي من المفترض أن تكون إمكاناتها المالية الضخمة أوصلتها إلى الاحتراف التام، مع الفرق التي لم تتوافر لها نسبة ضئيلة جداً من الإمكانات، في تلك (العاهة)، نصل إلى النتيجة بأن هدراً ما أو توظيفاً في غير محله هما السبب في هذا التأخر عن ركب المتطورين في الشطر الآخر من قارة آسيا. ولبنان مثل صريح لهذه المعادلة، فهو بالطبع، الأضعف إمكانات بين الخماسي العربي، ومع ذلك شق الطريق إلى الدور الحاسم محققاً انتصارات على ثلاثة فرق سبق لها وفازت بكأس أمم آسيا وتأهلت للمونديال (الكويت وكوريا الجنوبية وإيران) إضافة إلى فوز على الإمارات التي تأهلت إلى مونديال 1990. لبنان هذا المتأهل إلى الدول الحاسم، والذي هزت كرة القدم فيه فضيحة المراهنات، بسبب قلة الأخلاق عند البعض وقلة الإمكانات عند الجميع، لا تتوفر لديهم الملاعب ولا تتلقى الأندية مساعدات حكومية ولا تقدم المؤسسات والشركات الخاصة على الاستثمار الرياضي فيه لعدم الاستقرار اقتصادياً وأمنياً وسياسياً.. وغير مسموح للجمهور حضور المباريات منذ سنوات، ولا يشكل النقل التلفزيوني للمباريات أي قيمة، ويشكل مدخول اللاعب في الأندية أو المنتخب في عام ما يصرفه لاعب خليجي في يوم، هذا أمر غير مبالغ فيه، وأسمح لنفسي هنا بذكر هذه المأثرة: كان منتخب لبنان يلعب مع منتخب المملكة في جدة مباراة ودية، وكنت حاضراً وتناهى إلى سمعي حالة معظم اللاعبين المذرية من الناحية المادية، طلبت من فيصل العبدالهادي الأمين العام السابق لاتحاد الكرة، أن يطلب من الأمير نواف بن فيصل بادرة بصرف مبلغ لكل لاعب كمصروف جيب، فاستجاب على الفور على الرغم من أن المنتخب اللبناني كان متقدماً في الشوط الأول.. المبلغ المصروف كان كما حددته أنا، والمشهد المثير كان ردة فعل اللاعبين الطيبة تجاهي.