عندما يستشعرالإنسان دوره
ويعي الإعلامي رسالته
ويمتزج هذا بذاك تصبح الرسالة أبلغ ومساحة البث أكبر.
وعندما يأتي (خطيب جمعة) وتجتمع الصفات الثلاث في ذاته إنسانا وإعلاميا وخطيبا تصبح الرسالة أكثر سموا وأبعد أثرا في تحقيق الهدف.
"خطيب الجمعة" يستشعر إنسانيته من خلال مهمته وهو في ذات الوقت يمارس دورا إعلاميا يقدم من خلاله (رسالة) ذات (محتوى) بل ومن أهم الرسائل الإعلامية الموجهة إذا ما أدرك ذلك.
ميزة "خطيب الجمعة" وصعوبته في آن واحد أن جمهوره المستهدف ليس محددا بفئة معينة فهو يقدم رسالته لمجتمع مفتوح متعدد الثقافات ومن مختلف الأعماروالقدرات في التعاطي مع الرسالة الإعلامية.
ما دعاني لهذه المقدمة خبر نشرته صحيفة قووول أون لاين الإلكترونية أن خطيب جامع الحمراء بالرياض الذي لم تعرف اسمه ـ كما في الخبرـ خصص خطبته الجمعة الماضية عن الفوضى والشغب الذي حصل في افتتاح ملعب الملك عبدالله الدولي بجدة "الجوهرة المضيئة" موجهاً رسالة توعوية للشباب بالحفاظ على أنفسهم وعلى مقدرات الوطن ومدخراته وحذرهم من مغبة السقوط في بعض المزالق ومنها دخول الملاعب عنوة ودون تذاكر والقفز على الأسوار والمخاطرة بأرواحهم مخالفين هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم بالنهي عن كل ما هو خارج عن السلوك القويم وآداب الشرع مثمناً لخادم الحرمين الشريفين هذه الهدية قائلا:
(أثلج صدورنا هذا الصرح العملاق الذي شيد بأيد وطنية في فترة قياسية بسواعد الشباب والرجال الحريصين على وطنهم وهناك مشاريع كثيرة بحاجة لمثل هؤلاء الشباب الصالحين والوطن بحاجة لهم) وخاطب العموم قائلا:
(أيها المؤمنون هدية خادم الحرمين الشريفين (الملعب الجوهرة) للشباب دلالة على عنايته (حفظه الله) بالشباب والوطن ولا بد أن يكون الجميع في مستوى المسؤولية وأن يهتم المسؤولون بالشباب بتوفير احتياجاتهم وما يساعدهم على مواجهة ظروف الحياة بالوظائف وأن تسند إليهم تشييد المشاريع مستدلا بأحاديث للمصطفى وتوجيهه بالعناية بالشباب).
هذا (الخطيب) تناول الحدث بعد وقوعه بساعات ليؤكد مواكبته الأحداث واستشعاره لمسؤوليته وهو يقف وراء المنبر داعيا للتقوى وصلاح المجتمع.
يخطئ كثيرون عندما يعتقدون أن خطبة الجمعة يجب أن تركز على الوعظ والإرشاد والجنة والنار وهذه إشكالية الخطاب الديني لدى البعض دون إدراك أن إصلاح المجتمع وهو أحد أهداف الرسالات السماوية بل وأساسها لايقوم فقط على الوعظ.
"خطبة الجمعة" كما هو معروف عنها وعن مضمونها يجب أن تناقش قضايا المجتمع وأن تواكب العصر والأحداث وهي تمثل صوت المجتمع ونبضه.
نعم أساسها ومقوماتها الحمد والثناء والتقوى والوعظ إذ لابد من هذا لكن موضوعها ومحتوى رسالتها يجب أن يكون كذلك.
البعض يرى أن مناقشة القضايا الرياضية وما يحصل في ميادينها يجب أن يكون خارج المساجد وهذا غير صحيح إلا إذا كنا سنفصل "الرياضة" عن "المجتمع"، بل إن مناقشتها من خلال منبر الجمعة أكثر وقعا وأبلغ أثرا.
مثل هذا الموضوع لو تمت مناقشته عبر البرامج الرياضية أوالقنوات الفضائية فإن جمهورالمتلقي محدود وذو ثقافة معينة أيضا عكس فيما لو تمت مناقشته أو الحديث عنه والتوعية به في خطبة الجمعة التي تصل إلى أكبر شريحة من المجتمع وأكثرها تنوعا في ثقافتها ومن هنا يفترض أن يتناول الخطباء في منابرالجمعة العديد من القضايا التي تهم المجتمع بصورة عامة وتؤثرعليه مثل التعصب وحدود التشجيع الرياضي أوغيره من المواضيع وبأسلوب علمي تحليلي بعيدا عن الوعظ المباشر ليحقق الهدف المرجو منه ويؤدي رسالة المنبرالحقيقية.
والله من وراء القصد،،،