تحدثت كثيراً عن معانات جيلنا مع التغطيات الصحفية للأحداث خاصة عندما نكون في مهمات خارجية، حيث كان الهاتف الثابت وسيلة الاتصال الوحيدة إلى جانب الإمكانات الفنية في المطابع لكن عندما ترغب صحيفة أو يفكر صحفي أن يقدم عملا صحفياً مميزاً أو تحقق سبقاً صحفياً يجب ألا تفكر في الثمن الذي تدفعه والجهد الذي تبذله وربما المخاطرة وإنما في الوسيلة التي تحقق بها غايتك عليك ألا تتثاءب أو تستمتع بالحدث قدر اهتمامك بنقله فالقارئ لا يهمه حجم معاناتك بقدر ما يتطلع للخبروالحصول عليه.
في أولمبياد لوس أنجلوس 1984 حيث شاركنا بأكبر وفد رياضي وتأهل منتخبنا لكرة القدم لأول مرة للأولمبياد حققنا في جريدة الرياض تلك المعادلة وكانت تغطيتنا المتميزة للدورة حديث الوسط الرياضي على اختلاف مستوياته خاصة عندما انفردنا بتغطية مباراة المنتخب السعودي مع البرازيل في كرة القدم والتي انتهت بفوز البرازيل 3ـ1 بالرغم من أن المباراة بدأت في الخامسة فجرا بتوقيت المملكة.
وفي ظل الإمكانيات الطباعية المحدودة في ذلك الوقت التي تتطلب جهدا وزمناً قياساً بما هو عليه الوضع الآن ابتدعت جريدة الرياض نظام الطبعتين كصحيفة رائدة في هذا المجال في المملكة حيث تتم الطبعة الأولى في السابعة مساء ليتم توزيعها خارج الرياض في وقت مبكر نظرا لظروف الطيران فيما تتم الطبعة الثانية في الساعة الثانية فجرا وهي خاصة بمدينة الرياض بحيث يتم تسليمها لشركة التوزيع عند الرابعة صباحا لتتمكن من توزيعها قبل السابعة صباحا وإذا تأخر تسليم الجريدة للشركة نصف ساعة فإنها تدفع غرامة مالية بحيث تتحمل تسيير خط توزيع جديد خاص بها إذ إن الشركة عادة تأخذ جميع الصحف وتقوم بتوزيعها في وقت واحد.
كان فارق التوقيت بين الرياض ولوس أنجلوس 10 ساعات وهذا أفادنا كثيرا في التغطية الصحفية للدورة خاصة وأن الوسيلة الإعلامية الوحيدة لتوصيل الحدث هي الجريدة اليومية أوالتلفزيون السعودي عبر رسالة مختصرة حيث كانت الفعاليات تبدأ قرابة منتصف الليل بتوقيت السعودية وتنتهي في العاشرة صباحا وقد اعتمدت تغطيتنا للحدث على ثلاثة محاور:
ـ أحداث الدورة والنتائج وهذه تتم عن طريق وكالات الأنباء العالمية إذ من الصعب على أي محرر متابعة جميع الألعاب في وقت واحد.
ـ الأخبارالخاصة بالوفد السعودي ومشاركاته ويتولاها ممثل الجريدة المرافق.
ـ الصور وتأتي عن طريق الوكالات العالمية.
وكان هذا حال الجميع إلا أننا في جريدة الرياض تميزنا بمبادرة من رئيس التحريرالأستاذ تركي السديري بتوقيع عقد مع إحدى وكالات الأنباء العالمية بتزويد الجريدة بصور خاصة وحصرية للدورة وبعضها للوفد السعودي مقابل مبلغ مالي كبير حيث تولى المفاوضات وتوقيع العقد الأستاذ طلعت وفا (رحمه الله) مدير مكتب الجريدة في واشنطن آنذاك.
كانت الوكالات تبث الأخبار على مدار الساعة وهذا يتطلب المتابعة أولا بأول بين إعداد للأخباروتجهيزها للنشر وبين متابعة للصفحة وإعدادها وإخراجها لذلك تم توزيع العمل بين الزملاء على مدى 24 ساعة رغم أن جميعهم غير متفرغين للعمل الصحفي.
كنت قد كلفت الزميل محمد الدويش بالإشراف على الشؤون الرياضية أثناء تواجدي في الأولمبياد وكان القسم يضم نخبة من الزملاء المتميزين مهنياً وتسودهم المحبة والتعاون فيما بينهم وهم إلى جانب الدويش فهد الدوس وسليمان العساف وأحمد المصيبيح وسعود العتيبي وعبدالعزيزاليحيى.
أما قصة السبق الصحفي ومباراة البرازيل والسعودية فتستحق أن تروى الأسبوع المقبل.
والله من وراء القصد،،،