أن يستقيل شخص أو تتم إقالته من منصبه أو يتم حل هيئة لأسباب مقنعة للرأي العام فهذا أمر مقبول وطبيعي.
كلها مقبولة ومنطقية وحتى لو كانت بناء على ردود فعل الرأي العام في مجمله، أما أن يأتي القرار بناء على توجهات تيار معين أو اختلاف معه فهذا يعني:
ـ أن هذا التيار على حق وبالتالي يجب أن يعفى المسؤول أو يتم حل الهيئة كاملة وليس إبعاد أفراد وإبقاء آخرين لأنها كل لا يتجزأ.
ـ أو أن في ذلك خضوعاً لهذا التيار وعدم القدرة على مواجهته.
والشأن الرياضي جزء من الشأن العام لا يختلف عنه.
وما حدث الأسبوع الماضي في لجنة الرقابة على المنشطات يدور في الإطار ذاته عندما أقيل أمينها العام بدر السعيد أو استقال قبل أن (يقيلوه).
ومعروف وهذا ليس سراً ولا تشهيراً أن خلاف اللجنة الدائم مع نادٍ محدد في كل حالة تتعلق بأحد لاعبيه من بين أكثر من ستين حالة تم اكتشافها تنتمي لحوالي 20 نادياً وكيانات وهو ما شكا منه رئيسها ذات مرة.
فإذا كان كل كفاءة مخلص سوف يبتعد لأن ضغوطاً تمارس ضده أو لشعوره أنه يعمل في بيئة غير صحية فهذا يعني السير في الطريق الخطأ لتأسيس رياضة قائمة على المبادئ السامية تنقلنا إلى المصاف المتقدمة.
لجنة الرقابة على المنشطات لم تكن الأولى، فقد سبقها لجان أخرى تم حلها قبل أن تنتهي مدتها وهذا يعني أننا لم نحسن اختيار الأشخاص القائمين عليها أو أننا غير قادرين على حمايتهم وتوفير البيئة المناسبة التي تساعدهم على النجاح.
ومهما كانت المبررات فهي غير مقبولة ومنطقية، فاللجنة بدأت عملها الفعلي قبل 6 سنوات والـ 4 سنوات التي يقال إنها أنهتها كمدة قانونية لم تحدد متى بدأت ومتى انتهت فعلاً؟.. ثم أن التغيير لم يكن جذرياً فقد أعيد تعيين أربعة أعضاء في المجلس الجديد المكون من 7 أعضاء أحدهم أمين الصندوق الذي لا يعتبر عضواً فاعلاً أو مؤثراً، أي أن ثلثي الأعضاء لم يتم تغييرهم وهذا يعني أن التغيير مقصود.
بدر السعيد بشر يخطئ ويصيب لكننا يجب أن نقيس مقدار الخطأ ومدى تأثيره.
فالميول ليست عيباً إلا إذا كانت انتقائية، بل إن الهلال من أكثر الأندية تضرراً من قرارات اللجنة، حيث أوقف منه 4 لاعبين في القدم والكاراتيه والقوى مقابل لاعب واحد فقط من النصر الأقل بين حوالي 20 نادياً تعرض 66 رياضياً منهم للإيقاف.
والتغريدة التي تعلق بها البعض أكد بيان سابق للجنة أنها بعد الإعلان عن العقوبة على موقع اللجنة، وهذا كاف لجعلها حق مشاع حسب البيان وبرأت اللجنة وقتها بدر السعيد ثم إن الأمين العام لا يتحرك وفق قرارات فردية بقدر ما يتحرك ضمن منظومة هي اللجنة وهي مسؤولة مثله.
لست هنا في مجال الدفاع عن بدر فتقييمه جاء من أعلى سلطة عالمية عندما تم اختياره من بين 45 شخصية مؤهلة يمثلون 200 دولة لعضوية الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ولا أعترض على النادي فمن حقه الدفاع عن لاعبيه ولكننا يجب أن نكون منصفين للأشخاص وأن نقيمهم وفق عملهم وعطائهم، ولعل ردود الفعل التي صاحبت هذا القرار وتفاعله حتى خارجياً عبر المواقع الإلكترونية والبحث في "قوقل" يغني خير دليل على ما أقول.
كنت أتمنى لو أن السعيد لم يستقل وترك لهم قرار إقالته لكنه بما يحمله من قيم أراد أن ينقذ اللحنة ويضحي بنفسه لأنه يدرك موقعه ومكانته.
والله من وراء القصد،،،