|


عبدالله الضويحي
بيان قاروباخترالإجابة الصحيحة
2012-06-12

 


جاءت بطولة الأمم الأوروبية (يورو 2012) لتصرف الأنظار عن الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم، أو بالأحرى عن إدارته المؤقتة وعن الكرة السعودية بعد البيان الذي أصدره الدكتور ماجد قاروب الرئيس السابق للجنة الإعداد للانتخابات القادمة للاتحاد وصاحب المناصب المتعددة في لجان الاتحاد، بعد إبعاده عن هذه المناصب وتفريغه للانتخابات.


هذا البيان لم يكن حجراً في بركة مياه راكدة بقدر ما هو أشبه بحمم (بركان ساكن).. حيث أحدث ردود فعل واسعة وحراكا في الساحة الرياضية، وجاءت (يورو (2012 وتحركات بعض الأندية للموسم الجديد إلى جانب رد اتحاد الكرة المؤقت على البيان لتصرف الأنظار عنه ولو مؤقتا.. وهي فرصة لنعطي أطراف القضية المزيد من الوقت لالتقاط الأنفاس ومراجعة الحسابات للخطوة القادمة.


رد الاتحاد كان ذكيا في نظري من ناحيتين:


أولا:


 كان لابد من توضيح موقفه حتى لا يصبح في موقف المتهم.


ثانيا:


 كان من نوع (المختصر المفيد) ولم يدخل في متاهات الأخذ والرد واحتفظ لنفسه في اتخاذ الإجراءات النظاميةفيما لو أراد وهو ما لم يتضمنه الرد.. بمعنى أنه احتفظ بخط الرجعة وفقا لـ(لكل حادث حديث) على أن موضوعا كهذا يجب أن لا يصرفنا عنه أي حدث مهما كانت أهميته.. أو على الأقل أن لاينسينا إياه.


 فللمرة الأولى..


 في تاريخ كرة القدم لدينا تحدث مثل هذه العاصفة .. إن جازت التسمية.. من الاستقالات، أو هذه اللغة في البيانات وما صاحبها من ردود أفعال، وسواء اتفقنا معها أو اختلفنا إلا أننا يجب أن ننظر إليها على أنها ناحية إيجابية وظاهرة صحية يجب أن نستفيد منها من منطلق (عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).


 وعودة لبيان (ماجد قاروب)..


 الذي لم أتمكن من مناقشته وطرح وجهة نظري حوله (في منتصف الأسبوع) الماضي لتزامن نشره مع نشر مقالي.. وهذه من عيوب الكتابة الأسبوعية، فقد طرحت تساؤلا عبر صفحتي في تويتر كان نصه :


 اختر الإجابة الصحيحة..


 بيان قاروب.. هل هو:


1) - عودة الوعي؟


2) - تصفية حسابات؟


3) - لاصرت رايح كثر الفضايح؟


 وقد تركزت إجابات الكثير من المتابعين والأصدقاء على الاختيارين 2 و3، وهي ما توحي بنبض الشارع الرياضي ونظرته لواقع الكرة لدينا والقضية المتداولة هذه الأيام بغض النظر عن أسبابها ومسبباتها.


 على أنني وقبل الدخول في مناقشة هذا الموضوع لابد أن أؤكد على ناحيتين هامتين :


أولاهما :


 احترامي الشديد وتقديري للأستاذ أحمد عيد رئيس الإدارة المؤقتة لاتحاد كرة القدم وللدكتور ماجد قاروب وما يربطني بهما من علاقة، وبالتالي فإن هذا الرأي لا يعني تغليب وجهة نظر على أخرى أو الوقوف معها بقدر ما هو وجهة نظر شخصية قابلة للنقد.


والثانية :


 إنني قرأت بعض وليس كل أو معظم التعليقات على بيان (ماجد قاروب) وردود الفعل.. وبالتالي سأتجاوز كثيرا مما تم تداوله، وأتناول هنا بعضا مما لم تتم الإشارة إليه، أو أرى أن لي فيه وجهة نظر مغايرة.


أولا:


 أتفق الجميع من مهتمين بالشأن الرياضي وبعض القانونيين على أن (قاروب) ارتكب خطأ كبيرا بنشر البيان وتحديدا ما تضمنه من أسرار العمل في الاتحاد.. خاصة أنه قانوني ويدرك أهمية ذلك وخطورة إفشائه ونشره للعلن.. بل وعدم جوازه شرعا وقانونا.


هذا التصرف..


 قد يضعه أمام مساءلة قانونية لو أراد اتحاد القدم ذلك، ويضعه في موقف حرج أمام المجتمع كمحام ومستشار قانوني يفقده ثقته أو تهتز أمام أصحاب القضايا أو الموكلين الباحثين عن محام (أمين) يحفظ أسرار قضاياهم ومصالحهم.


 لكنني سآخذه من جانب آخر:


 بعض هذه الأحداث مر عليها ما يقارب السنتين.. فأين ماجد قاروب طوال هذه الفترة؟


 هل رفع في ذلك تقريرا لصاحب القرار الأول الأمير سلطان بن فهد ثم نواف بن فيصل وهو المستشار المقرب، أو أبدى تحفظه عليه أثناء الاجتماعات؟


 إن فعل ذلك فقد أدى الأمانة.. وإن لم يفعل فقد:


ــ خان الأمانة.


ــ أو كان مجاملا.


ــ أو أنه لايعرف شخصية الأمير سلطان والأمير نواف وكيفية التعامل معهما.


ثانيا:


 جاء في البيان أن:


 (رئيس للجنة المؤقتة تدخل بإيقاف إجراءات التحقيق في قضية الرشوة رافضا إحالة الملف إلى الجهات المعنية).


 هذا الكلام معناه أن هناك قرارا تم اتخاذه من قبل الاتحاد بإحالة ملف قضية الرشوة (الوحدة ونجران) إلى جهات معينة.


 والمعروف أن هذه القضية حدثت ونوقشت أثناء فترة رئاسة الأمير سلطان بن فهد ثم الأمير نواف بن فيصل.. وبالتالي لا علاقة للإدارة المؤقتة بهذا الموضوع ولا دور لها فيه.. إلا إذا كان الأستاذ أحمد عيد اعترض على قرار الاتحاد تلك الفترة.. وهو الأمر الذي لايمكن أن يتم، وحتى لوتم فهو لايعيق تنفيذ قرار جماعي بسبب تحفظ فرد أو اعتراضه أو أقلية.


 ثم..


 إن البيان لم يوضح ما هي (الجهات المعنية)، هل هي داخل منظومة الرياضة أم خارجها؟ وهو الذي صرح (أي قاروب) في فترة سابقة أن الملف أحيل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام (حسب بيان أصدره المحامي أبو راشد)، والدكتور قاروب يدرك أن هذا غير جائز ولايمكن ولايحق لأي جهة التدخل في مشاكل الرياضة وقضاياها وإلا تعرض الاتحاد المحلي لمساءلة الاتحاد الدولي وإيقاف نشاطه. ويدرك أيضا كيف انتهت القضية.


 ماجد هو محامي ومستشار الاتحاد.


ــ فإن كان لا يدرك ذلك فتلك مصيبة.


ــ وإن كان يدركه وينشر ذلك عبر بيان رسمي لهدف معين أو لأسباب نجهلها فالمصيبة أعظم.


ثالثا:


 جاء في البيان..


 (الإدارة المؤقتة فاقدة للشرعية ولايجوز له التعامل معها من الناحية القانونية، مبديا قدرته على رفض قرار الإقالة الذي اعتبره خارج صلاحياتها).


لكنه هنا لم يوضح كيف فقدت هذه الشرعية.


 وإذا كان لديه القدرة على رفض القرار لماذا لا يرفضه؟ وهل يعني ذلك أنه سيمارس صلاحياته كرئيس للجنة الانتخابات وغيرها رغم قرار إبعاده.. وكيف؟


رابعا:


 جاء في البيان أيضا..


(استحداث لجان وبطولات جديدة دون أن يكون لها حق مما يستوجب حل الإدارة المؤقتة وإحالتهم للتحقيق والإيقاف الفوري).


 لا أدري كم وما هي اللجان والبطولات التي استحدثتها الإدارة المؤقتة.


 رغم أن من حقها إحداث أو تشكيل لجان لأن هذا من صميم عملها لتسيير أمور الاتحاد.


 أما البطولات فهي مباراة واحدة (كأس السوبر) ولم يتم إقرارها.


ثم هل إحداث بطولة أو لجنة يستوجب التحقيق والمساءلة والإيقاف الفوري؟


خامسا :


 أشار(بيان قاروب) إلى أن بعض محامي ورؤساء الأندية يمارسون الضغط على اللجان للتأثير على قراراتها.


وهذا اعتراف من رئيس وعضو لجنة من أهم لجان الاتحاد وهي المعرضة لمثل هذه الضغوطات إن وجدت.


ولعل هذا يفسر تفاوت وتضارب قرارات لجنة الانضباط حول بعض التصرفات وتجاوزها عن البعض ويثبت تهمة (الكيل بمكيالين) على هذه اللجنة.


 مشكلة قاروب..


 مع احترامي الشديد له أنه بعيد كل البعد عن الرياضة، وثقافته في هذا المجال بدأت مع دخوله إليه.


 والمجال الرياضي، خصوصا كرة القدم وقوانينها ولوائحها ومرجعياتها تختلف عن الأعمال التجارية والقضايا الاجتماعية.. وبالتالي فما يصلح لهذه أو يطبق عليها لا يمكن تطبيقه على كرة القدم.


 


بقيت نقطتان هامتان..


أولاهما:


 في رأيي أن هناك فرقاً في مفهوم ودور الإدارة المؤقتة لأي اتحاد رياضي :


 1) الإدارة..


 التي يتم تعيينها من قبل فيفا ويشرف عليها بعد إيقافه لنشاط اتحاد محلي بسبب تدخل الجهات غير الرياضية.. هذه تكون محدودة الصلاحيات وتنحصر مهمتها في تسيير أمور الاتحاد حتى يتم انتخاب مجلس إدارة جديد بعد مهلة محدودة من قبل فيفا وتحت إشرافه.


2) الإدارة..


التي يتم تشكيلها من قبل الاتحاد المحلي وصاحب القرار وبموافقة فيفا نتيجة استقالة الاتحاد (وليس إيقافه).. وهذه لها كافة الصلاحيات ومن حقها أن تتخذ بعض القرارات.. ومدتها غير محدودة بفترة زمنية قصيرة وهي المنوطة بالإعداد للانتخابات والإشراف عليها.. وهذا ما ينطبق على الإدارة الحالية للاتحاد السعودي لكرة القدم.


الثانية :


 لنتجاوز ما مضى مع الدكتور ماجد قاروب ونتحدث عن الحاضر وهذا البيان.. وهو يدرك خطأ إفشاء الأسرار، لماذا لم يقدم هذا كله في تقرير خاص ومفصل إلى رئيس اللجنة الأولمبية السعودية التي يقول إنه سيرفع الأمر لها وهو المستشار المقرب من رئيسها (الأمير نواف) إذا كان يهدف إلى المصلحة العامة.


 عدم الرفع يجعلنا أمام احتمالين لا ثالث لهما:


ــ إما..


 أن قاروب لايثق بأن الأمير نواف سوف ينصفه.. أو على الأقل سيقوم بتصحيح الوضع.


ــ أو..


 إنه يريد إثارة الرأي العام. وهذا يعني أنه يخفي وراءه أشياء كثيرة.


 وبعد..


 فقد استقال الأمير نواف.. فرمى حجرا في بركة فتحركت المياه الراكدة..


 وتلاطمت الأمواج..


 وتعالت أصوات من لم يكن لهم ذات يوم صوت. علما بأنهم كان بإمكانهم أن يكون لهم ذلك إذا كان بعقل ومنطق..


 والذين طالبوا بابتعاد (سلطان بن فهد)


 وباستقالة (نواف بن فيصل)


أصبحوا ينادون بعودة الأمير نواف.


وبعضهم تجاوز وربط نجاح كرة القدم بوجود (أمير) على رأس الهرم..


علما بأن ما حدث هو ظاهرة صحية يجب أن لاننزعج منها.


وإذا كنا نقدر أصحاب السمو ونحترم مكانتهم الاجتماعية، فالقضية ليست في الشخصية التي ترأس اتحاد القدم.. أو تدير شؤونه أو تنتمي إليه.. والثقافة التي ننتمي إليها.


 لقد تعاملت مع الأمير فيصل بن فهد رحمه الله قرابة ربع قرن، وهو المعروف بقوة شخصيته وقراره، وكان لي معه مواقف أتشرف بها ويعرفها كثيرون. وتعاملت مع الأمير سلطان بن فهد ومع الأمير نواف بن فيصل، وأدركت حرصهم على سماع الرأي الآخر وتقبل النقد وهو ما يدركه القريبون منهم.


 مشكلتنا..


 ليست في من يقود اتحاد كرة القدم، ولا في الشخصية التي تدير شؤونه، ولا في الأعضاء الذين ينتمون إليه ويسيرون لجانه.


 مشكلتنا وقضيتنا في الفكر الذي يدير هذه الرياضة أو يتعامل معها بمختلف القنوات والمواقع.


والله من وراء القصد.