جاءت أحداث الأسبوع الماضي من الدوري لتضع ثلاثة من لجان اتحاد كرة القدم في واجهة الأحداث وتكشف شيئا من واقع هذه اللجان وكيفية تعاملها مع الأحداث وتعاملها مع ذاتها.
واللجان الثلاث هي:
لجنة الانضباط.. واللجنة الفنية.. ولجنة الحكام.
وإذا كانت لجنة الانضباط قد وضعت على المحك بصورة مباشرة من خلال تعاملها مع أحداث مشابهة ووفق لوائح واضحة ومحدودة.. ونظرتها لهذه الأحداث وموقفها منها.. فإن اللجنة الفنية ولجنة الحكام.. وإن تعاملتا مع حدث جديد إلا أنه لم يكن غريبا أو خارج النصوص.
ولم تستطع أي من اللجنتين إقناع المتلقي (حتى المحايد) بوجهة نظرها ومصداقية قرارها.. وإن كان سليما.. لأنها فقدت القدرة على امتلاك هذه الوسيلة.. وبالتالي القدرة على التعامل مع الحدث.
وفي الوقت الذي صمتت فيه لجنة الانضباط عن أحداث أخرى.. مكتفية بقرار واحد دون خلق مبررات لعدم اتخاذ غيره.. فإن كلاً من اللجنة الفنية
ولجنة الحكام بحثت عن مبررات وأساليب لإقناع المتلقي بصحة القرار وحياديته.. مما جعلهم يضعون أنفسهم في مواقف هم في غنى عنها.
وقد تعودت أن ابتعد بنفسي عن مناقشة أو تفنيد قرارات هذه اللجان.. إيمانا وثقة بأعضائها.. واستنادهم على معايير واضحة وثابتة حتى وإن تحفظت داخلياً على البعض منها.
لكن ما حدث الأسبوع الماضي يفرض هذه الوقفة.. ليس اعتراضا على ما صدر أو تحفظا عليه بقدر ما هو مناقشة للآلية التي تم بموجبها أو المقارنة بأحداث مشابهة مرتبطة بقوانين ولوائح.
وما حدث الأسبوع الماضي في الواقع حدثان:
الأول:
يخص لجنة الانضباط.. ويتعلق بمباراة الاتحاد والنصر وما صاحبها من خروج عن النص من بعض لاعبي الاتحاد، واكتفت اللجنة بإيقاف أسامة المولد أربع مباريات وتغريمه ثمانية آلاف ريال.
الثاني:
ويخص اللجنتين الفنية والحكام.. ويتعلق بمباراة الشباب والفتح من مسابقة كأس الأمير فيصل.. وتحديدا هدف الفوز الشبابي الذي جاء من ضربة جزاء ارتدت من القائم وأكملها نفس اللاعب..على اعتبار ملامستها يد الحارس قبل اصطدامها بالقائم.
وسنتوقف هنا أمام كل من الحدثين..
أولا:
لجنة الانضباط
سأتجاوز بعض أحداث المباراة من منطلق النسبية في النظرة للحدث والثقة في اللجنة ونظرتها إليه.. حتى وإن تحفظت على ذلك أو تسامح الأعزاء في النصر عنها وتقبلوها بروح رياضية.. لأن الأمر يتعلق بحق عام أيضا.
عموما.. لنترك هذا جانبا.. فالأهم هو نقطتان:
أولاهما:
إيقاف أسامة المولد الذي تم على مرحلتين الإيقاف حتى إشعار آخر.. ثم صدور القرار بأربع مباريات مع الغرامة.
والغريب هنا.. ومصدر التساؤل هو الإيقاف حتى إشعار آخر.. وكيف يمكن تفسير ذلك.
فاللاعب كان موقوفا بالبطاقة الحمراء.. والوقت الفاصل بين المخالفة ومشاركته المقبلة كاف جدا لإصدار قرار يتعلق بالعقوبة.. إذا لم يكن الطرد كافيا.. بدليل إنه صدر خلال فترة وجيزة.
هذا أولاً..
وثانياً..
إن عبارة (حتى إشعار آخر) تعني أن الحالة تستدعي للمزيد من المناقشة والدراسة بمعنى أنه قد يكتفي بالإيقاف السابق.. وقد يتم تمديده أو اتخاذ قرار آخر..لعدم وجود نص يتعلق بالحادثة.. ثم جاء القرار وحسب بيان اللجنة أنه (وفقا للمادة 30 للائحة)..أي أنه مبني على اللوائح.
إذا..
طالما أنه كذلك.. لماذا صدر حتى إشعار آخر.. ولماذا لم يصدر من البداية وفقا للوائح طالما أنها موجودة!
إن إيقاف اللاعب حتى إشعار آخر.. ثم صدور قرار إنه وفقا للائحة يعني أحد أمرين:
ـ إما..
إنه قرار فردي حتى تجتمع اللجنة.. وهذا مخالف لآلية عمل اللجنة.
ولنفرض أن اللجنة اكتفت بالعقوبة الأولى.. فما هم موقفها؟! وكيف يتم النظر إليها؟! وتأويل ذلك من قبل المتابعين.. الخ.
ـ أو:
إنه قرار جماعي.. وبالتالي كيف يصدر قرار من خلال اجتماع دون الرجوع إلى اللوائح الموجودة أمام المجتمعين؟! وإرجاء ذلك حتى إشعار آخر!!
( حتى إشعار آخر) تفتح المجال وتؤكد على كيفية إدارة اللجان وعملها والآلية التي يتم من خلالها هذا العمل واتخاذ القرار.
النقطة الثانية:
تتعلق بلاعب الاتحاد هشام أبو شروان وتصرفه اللاأخلاقي تجاه مساعد الحكم.. بالبصق –أعزكم الله- أكثر من مرة.. حيث تم إعادة اللقطة عدة مرات بما لا يدع مجالاً للشك.. إلا أن لجنة الانضباط لم تتخذ أي قرار حيال ذلك رغم النص الصريح عليه في لائحة اللجنة!
وهذا يعني أحد أمرين:
إما:
أن اللجنة لم تشاهد اللقطة.. وهذا غير صحيح.. بل ومستحيل!
أو:
أنها شاهدت اللقطة وتعيها.. لكنها رأت عدم اتخاذ أي قرار لسبب أو لآخر! مفضلة الصمت على الدخول في متاهات هي في غنى عنها ومن منطلق أن (الصمت حكمة!) وللجنة الانضباط في ذلك حكمتها الخاصة بها.
ثانيا:
الفنية.. والحكام.. وضربة الجزاء الشبابية ضد الفتح.. حيث كان بالإمكان إنهاء القضية بعبارة واحدة مختصرة وقرار واضح وصريح يستند إلى القوانين الدولية والمحلية وهي:
( أن الحكم شاهد يد الحارس وهي تلمس الكرة – بناء على أقواله وتقريره.. وأن قراره نهائياً)
هذا الأمر كان كافيا ومبررا صحيحا لقرار تثبيت النتيجة كما ورد في تقرير الحكم بغض النظر عن قناعة البعض به من عدمه.
لكن كلا من اللجنتين حاولت تبرير القرار لإقناع المتلقي بصحته.. فكشفت عن نوعية الفكر الذي يدور في هذه اللجان وطبيعة العلاقة بين أعضائها وآلية عملها.
سنتوقف هنا عند كل لجنة وتعاملها مع الحدث.
لجنة الحكام
حكم المباراة أكد على أنه (شاهد وسمع... الخ) وفقا لتقريره وكان بإمكان اللجنة رمي الكرة في ملعب الحكم والاكتفاء بتقريره والاستناد عليه.
لكن اللجنة ممثلة في رئيسها اكتفت بمبرر (سماع صوت الكرة).. وهو مبرر غير منطقي وغير مألوف..ولايعتد به.
وأعتقد أن (سماع الصوت).. هي زلة لسان أكثر منها قناعة!
وزلة للسان نتيجة الحساسية المفرطة تجاه نقد اللجنة وحكامها وآراء المحللين القانونيين!! " وزلة لسان " لا تبرر خطأ التبرير!! فهي تمثل رأيا رسميا يعتمد عليه وبالتالي وضع اللجنة ورئيسها في موقف هم في غنى عنه.
الناحية الأخرى..
تأكيد اللجنة الفنية على أن رأي مقيم المباراة (المراقب) جاء بناء على قرار الحكم.. يؤكد عدم استقلالية قراره وأن هناك (تنسيقاً) بين الحكم والمقيم (المراقب).
وإذا كانت الصدفة كشفت ذلك في هذه المباراة فهذا يعني أن الوضع يسير بهذه الصورة في كثير من المباريات.. مما يفسر سوء الأداء وانعدام الأمانة أو الرقابة الذاتية لدى مراقب المباراة في تقييمه الصحيح والسليم للحكم.
تطابق رأي الحكم مع من يقيم أداءه وفق اتفاق مسبق يجعل البعض يذهب بعيدا في تأويله لأداء الحكم في المباراة وأبعاد قراراته.. ويفسر عدم التطور في مستوى الحكم.. بل وتواضعه.. طالما أن المشرف عليه أو المراقب يتعامل معه بهذه الصورة.
اللجنة الفنية
سأتجاوز ما قاله رئيس اللجنة الفنية بأن اللجنة ليس لها نائب للرئيس وإنه هو الرئيس والبقية أعضاء.. وأن رئاسة إبراهيم الربدي لها في غيابه كونه أكبر الأعضاء سنا.
وسأتجاوز أيضاً قوله إنه يرفض قرارات اللجنة ويطالب برفعها للرئيس العام..
وهو ماتم نشره في الصحف.
سأتجاوز هذا كله لأنه شأن يخص اللجنة رغم تحفظي على عدم وجود نائب رئيس.
إن وجود النائب مطلوب في كل الكيانات المؤسساتية للقيام بعمل الرئيس في غيابه.. ويفترض وجوده في اللجنة وغيرها بصورة رسمية لاتبنى على السن وخلافة وإنما على معايير أخرى.
على العموم..
لنعد لموضوعنا الأساس..
فإذا كانت لجنة لحكام قد (اعتمدت) سماع صوت الكرة كحجة يستدل بها في القانون.. فإن اللجنة الفنية قد ظهرت بالتصويت في أمر لا يحتاج لذلك.. ولأنه محسوم سلفا.
المعروف أن التصويت يتم على أمور خلافية حول موضوع يتم الاجتهاد فيه والاختلاف عليه.. كانتخاب مرشح من بين عدة أشخاص أو اختيار مدينة لتنظيم لقاء معين. أو بند قانوني في لائحة معينة.. لكن لايمكن بأي حال من الأحوال التصويت حول أمر أو قضية محسوم بقانون شرعي أو وضعي.. كقطع يد السارق مثلا.. أو تجاوز إشارة المرور.... الخ!
وهدف الشباب من ضربة الجزاء أمر محسوم قانونا وفق رأي اللجنة..
إذاً كيف يتم التصويت عليه؟!
يقول إبراهيم الربدي الذي ترأس اجتماع اللجنة إنه بعد مشاهدة شريط المباراة والحالة التي تم الاختلاف عليها بين الأعضاء:
( تم الرجوع للتقارير الواردة من حكم المباراة ومقيم الحكام وتقرير لجنة الحكام والتي أثبتت جميعها صحة الهدف ووجود تلامس للكرة من قبل حارس مرمى الفتح قبل ارتدادها للاعب المنفذ لركلة الجزاء وبذلك يكون الهدف صحيحا... الخ)
ولهذا – والكلام لعضو اللجنة:
قررت اللجنة الأخذ برأي الحكم استنادا على المادة 12-4 من لائحة المسابقات والبطولات والتي تنص على:
(اعتبار قرار الحكم فيما يتعلق بنتيجة المباراة.. قرارا نهائياً تطبيقاً لأحكام القانون الدولي للعبة وعليه تصدر اللجنة المختصة قراراتها وفقا لذلك)
ويضيف.. وكذلك على المادة 12-5 من لائحة المسابقات:
(إذا ثبت أو دون بتقرير مقيم الحكام وقوع الحكم بخطأ فني في التطبيق لقانون اللعبة وأقر الحكم بذلك يجوز إلغاء المباراة وإعادتها بقرار من اللجنة المختصة وخلاف ذلك تثبت النتيجة كما وردت بتقرير الحكم )
كلام جميل ورائع.
فالمادة 12-4 تؤكد الاستناد إلى قرار الحكم
والمادة 12-5 تقول (إذا ثبت أو دون).. و(أو) هنا تعني لو ثبت لدى اللجنة خلاف ما ورد في التقرير كصحة الهدف الملغى أو العكس ووقوع الحكم في خطأ فني في التطبيق فإن اللجنة يحق لها اتخاذ القرار دون الاستناد لتقرير المقيم.. لكن هذا كله مرتبط ببقية الفقرة التي تقول (و أقر الكم بذلك).. والحكم هنا لم يقر بذلك!!
نخلص مما سبق إلى أن الهدف صحيح وفقا لقرار الحكم وأن قراره نهائيا.
هنا يبرز السؤال العريض: لماذا تم التصويت ؟!
ألا يعني هذا وقوع اللجنة نفسها في خطأ في تعاملها مع الحدث؟!
وهل كانت تهدف إلى إقناع المتلقي بديمقراطية القرار؟!
السؤال الأكثر أهمية:
لو حدث العكس أثناء عملية التصويت بمعني أن الغالبية مع عدم ملامسة الكرة يد الحارس.. وهو ما يخالف رأي الحكم ويؤكد على وقوع خطأ فني
هل ستقرر اللجنة إعادة المباراة ومخالفة رأي الحكم وهو المعتمد قانونا وفق اللائحة؟!
أم تعتمد النتيجة بناء على تقرير الحكم وتخالف رأيها وما توصلت إليه؟!
بقيت نقطة لا تقل أهمية عما سبق تدور في السياق ذاته وتتعلق بردود الفعل داخل الملعب بعد تنفيذ الركلة وتسجيلها خاصة اللاعب الذي نفذها ثم تابعها وسجل منها الهدف.
هذا اللاعب أحد أمرين:
إما..
أنه شاهد الكرة تلامس يد الحارس باعتباره أقرب شخص إليها من جميع الموجودين بمن فيهم الحكام عدا حارس المرمى وهو الوحيد الذي يستطيع الجزم بذلك من عدمه وبالتالي تابعها وسجل الهدف.
أو..
أنه يجهل قانون كرة القدم في هذه الجزئية بالذات.. لذلك تابع الكرة دون تفكير في ملامستها يد الحارس من عدمه.
و بين هذه وتلك
وما دار في اللجان تكمن ثقافة التعامل مع الحدث.. وأهمية الثقافة الذاتية في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب..
والله من وراء القصد.
واللجان الثلاث هي:
لجنة الانضباط.. واللجنة الفنية.. ولجنة الحكام.
وإذا كانت لجنة الانضباط قد وضعت على المحك بصورة مباشرة من خلال تعاملها مع أحداث مشابهة ووفق لوائح واضحة ومحدودة.. ونظرتها لهذه الأحداث وموقفها منها.. فإن اللجنة الفنية ولجنة الحكام.. وإن تعاملتا مع حدث جديد إلا أنه لم يكن غريبا أو خارج النصوص.
ولم تستطع أي من اللجنتين إقناع المتلقي (حتى المحايد) بوجهة نظرها ومصداقية قرارها.. وإن كان سليما.. لأنها فقدت القدرة على امتلاك هذه الوسيلة.. وبالتالي القدرة على التعامل مع الحدث.
وفي الوقت الذي صمتت فيه لجنة الانضباط عن أحداث أخرى.. مكتفية بقرار واحد دون خلق مبررات لعدم اتخاذ غيره.. فإن كلاً من اللجنة الفنية
ولجنة الحكام بحثت عن مبررات وأساليب لإقناع المتلقي بصحة القرار وحياديته.. مما جعلهم يضعون أنفسهم في مواقف هم في غنى عنها.
وقد تعودت أن ابتعد بنفسي عن مناقشة أو تفنيد قرارات هذه اللجان.. إيمانا وثقة بأعضائها.. واستنادهم على معايير واضحة وثابتة حتى وإن تحفظت داخلياً على البعض منها.
لكن ما حدث الأسبوع الماضي يفرض هذه الوقفة.. ليس اعتراضا على ما صدر أو تحفظا عليه بقدر ما هو مناقشة للآلية التي تم بموجبها أو المقارنة بأحداث مشابهة مرتبطة بقوانين ولوائح.
وما حدث الأسبوع الماضي في الواقع حدثان:
الأول:
يخص لجنة الانضباط.. ويتعلق بمباراة الاتحاد والنصر وما صاحبها من خروج عن النص من بعض لاعبي الاتحاد، واكتفت اللجنة بإيقاف أسامة المولد أربع مباريات وتغريمه ثمانية آلاف ريال.
الثاني:
ويخص اللجنتين الفنية والحكام.. ويتعلق بمباراة الشباب والفتح من مسابقة كأس الأمير فيصل.. وتحديدا هدف الفوز الشبابي الذي جاء من ضربة جزاء ارتدت من القائم وأكملها نفس اللاعب..على اعتبار ملامستها يد الحارس قبل اصطدامها بالقائم.
وسنتوقف هنا أمام كل من الحدثين..
أولا:
لجنة الانضباط
سأتجاوز بعض أحداث المباراة من منطلق النسبية في النظرة للحدث والثقة في اللجنة ونظرتها إليه.. حتى وإن تحفظت على ذلك أو تسامح الأعزاء في النصر عنها وتقبلوها بروح رياضية.. لأن الأمر يتعلق بحق عام أيضا.
عموما.. لنترك هذا جانبا.. فالأهم هو نقطتان:
أولاهما:
إيقاف أسامة المولد الذي تم على مرحلتين الإيقاف حتى إشعار آخر.. ثم صدور القرار بأربع مباريات مع الغرامة.
والغريب هنا.. ومصدر التساؤل هو الإيقاف حتى إشعار آخر.. وكيف يمكن تفسير ذلك.
فاللاعب كان موقوفا بالبطاقة الحمراء.. والوقت الفاصل بين المخالفة ومشاركته المقبلة كاف جدا لإصدار قرار يتعلق بالعقوبة.. إذا لم يكن الطرد كافيا.. بدليل إنه صدر خلال فترة وجيزة.
هذا أولاً..
وثانياً..
إن عبارة (حتى إشعار آخر) تعني أن الحالة تستدعي للمزيد من المناقشة والدراسة بمعنى أنه قد يكتفي بالإيقاف السابق.. وقد يتم تمديده أو اتخاذ قرار آخر..لعدم وجود نص يتعلق بالحادثة.. ثم جاء القرار وحسب بيان اللجنة أنه (وفقا للمادة 30 للائحة)..أي أنه مبني على اللوائح.
إذا..
طالما أنه كذلك.. لماذا صدر حتى إشعار آخر.. ولماذا لم يصدر من البداية وفقا للوائح طالما أنها موجودة!
إن إيقاف اللاعب حتى إشعار آخر.. ثم صدور قرار إنه وفقا للائحة يعني أحد أمرين:
ـ إما..
إنه قرار فردي حتى تجتمع اللجنة.. وهذا مخالف لآلية عمل اللجنة.
ولنفرض أن اللجنة اكتفت بالعقوبة الأولى.. فما هم موقفها؟! وكيف يتم النظر إليها؟! وتأويل ذلك من قبل المتابعين.. الخ.
ـ أو:
إنه قرار جماعي.. وبالتالي كيف يصدر قرار من خلال اجتماع دون الرجوع إلى اللوائح الموجودة أمام المجتمعين؟! وإرجاء ذلك حتى إشعار آخر!!
( حتى إشعار آخر) تفتح المجال وتؤكد على كيفية إدارة اللجان وعملها والآلية التي يتم من خلالها هذا العمل واتخاذ القرار.
النقطة الثانية:
تتعلق بلاعب الاتحاد هشام أبو شروان وتصرفه اللاأخلاقي تجاه مساعد الحكم.. بالبصق –أعزكم الله- أكثر من مرة.. حيث تم إعادة اللقطة عدة مرات بما لا يدع مجالاً للشك.. إلا أن لجنة الانضباط لم تتخذ أي قرار حيال ذلك رغم النص الصريح عليه في لائحة اللجنة!
وهذا يعني أحد أمرين:
إما:
أن اللجنة لم تشاهد اللقطة.. وهذا غير صحيح.. بل ومستحيل!
أو:
أنها شاهدت اللقطة وتعيها.. لكنها رأت عدم اتخاذ أي قرار لسبب أو لآخر! مفضلة الصمت على الدخول في متاهات هي في غنى عنها ومن منطلق أن (الصمت حكمة!) وللجنة الانضباط في ذلك حكمتها الخاصة بها.
ثانيا:
الفنية.. والحكام.. وضربة الجزاء الشبابية ضد الفتح.. حيث كان بالإمكان إنهاء القضية بعبارة واحدة مختصرة وقرار واضح وصريح يستند إلى القوانين الدولية والمحلية وهي:
( أن الحكم شاهد يد الحارس وهي تلمس الكرة – بناء على أقواله وتقريره.. وأن قراره نهائياً)
هذا الأمر كان كافيا ومبررا صحيحا لقرار تثبيت النتيجة كما ورد في تقرير الحكم بغض النظر عن قناعة البعض به من عدمه.
لكن كلا من اللجنتين حاولت تبرير القرار لإقناع المتلقي بصحته.. فكشفت عن نوعية الفكر الذي يدور في هذه اللجان وطبيعة العلاقة بين أعضائها وآلية عملها.
سنتوقف هنا عند كل لجنة وتعاملها مع الحدث.
لجنة الحكام
حكم المباراة أكد على أنه (شاهد وسمع... الخ) وفقا لتقريره وكان بإمكان اللجنة رمي الكرة في ملعب الحكم والاكتفاء بتقريره والاستناد عليه.
لكن اللجنة ممثلة في رئيسها اكتفت بمبرر (سماع صوت الكرة).. وهو مبرر غير منطقي وغير مألوف..ولايعتد به.
وأعتقد أن (سماع الصوت).. هي زلة لسان أكثر منها قناعة!
وزلة للسان نتيجة الحساسية المفرطة تجاه نقد اللجنة وحكامها وآراء المحللين القانونيين!! " وزلة لسان " لا تبرر خطأ التبرير!! فهي تمثل رأيا رسميا يعتمد عليه وبالتالي وضع اللجنة ورئيسها في موقف هم في غنى عنه.
الناحية الأخرى..
تأكيد اللجنة الفنية على أن رأي مقيم المباراة (المراقب) جاء بناء على قرار الحكم.. يؤكد عدم استقلالية قراره وأن هناك (تنسيقاً) بين الحكم والمقيم (المراقب).
وإذا كانت الصدفة كشفت ذلك في هذه المباراة فهذا يعني أن الوضع يسير بهذه الصورة في كثير من المباريات.. مما يفسر سوء الأداء وانعدام الأمانة أو الرقابة الذاتية لدى مراقب المباراة في تقييمه الصحيح والسليم للحكم.
تطابق رأي الحكم مع من يقيم أداءه وفق اتفاق مسبق يجعل البعض يذهب بعيدا في تأويله لأداء الحكم في المباراة وأبعاد قراراته.. ويفسر عدم التطور في مستوى الحكم.. بل وتواضعه.. طالما أن المشرف عليه أو المراقب يتعامل معه بهذه الصورة.
اللجنة الفنية
سأتجاوز ما قاله رئيس اللجنة الفنية بأن اللجنة ليس لها نائب للرئيس وإنه هو الرئيس والبقية أعضاء.. وأن رئاسة إبراهيم الربدي لها في غيابه كونه أكبر الأعضاء سنا.
وسأتجاوز أيضاً قوله إنه يرفض قرارات اللجنة ويطالب برفعها للرئيس العام..
وهو ماتم نشره في الصحف.
سأتجاوز هذا كله لأنه شأن يخص اللجنة رغم تحفظي على عدم وجود نائب رئيس.
إن وجود النائب مطلوب في كل الكيانات المؤسساتية للقيام بعمل الرئيس في غيابه.. ويفترض وجوده في اللجنة وغيرها بصورة رسمية لاتبنى على السن وخلافة وإنما على معايير أخرى.
على العموم..
لنعد لموضوعنا الأساس..
فإذا كانت لجنة لحكام قد (اعتمدت) سماع صوت الكرة كحجة يستدل بها في القانون.. فإن اللجنة الفنية قد ظهرت بالتصويت في أمر لا يحتاج لذلك.. ولأنه محسوم سلفا.
المعروف أن التصويت يتم على أمور خلافية حول موضوع يتم الاجتهاد فيه والاختلاف عليه.. كانتخاب مرشح من بين عدة أشخاص أو اختيار مدينة لتنظيم لقاء معين. أو بند قانوني في لائحة معينة.. لكن لايمكن بأي حال من الأحوال التصويت حول أمر أو قضية محسوم بقانون شرعي أو وضعي.. كقطع يد السارق مثلا.. أو تجاوز إشارة المرور.... الخ!
وهدف الشباب من ضربة الجزاء أمر محسوم قانونا وفق رأي اللجنة..
إذاً كيف يتم التصويت عليه؟!
يقول إبراهيم الربدي الذي ترأس اجتماع اللجنة إنه بعد مشاهدة شريط المباراة والحالة التي تم الاختلاف عليها بين الأعضاء:
( تم الرجوع للتقارير الواردة من حكم المباراة ومقيم الحكام وتقرير لجنة الحكام والتي أثبتت جميعها صحة الهدف ووجود تلامس للكرة من قبل حارس مرمى الفتح قبل ارتدادها للاعب المنفذ لركلة الجزاء وبذلك يكون الهدف صحيحا... الخ)
ولهذا – والكلام لعضو اللجنة:
قررت اللجنة الأخذ برأي الحكم استنادا على المادة 12-4 من لائحة المسابقات والبطولات والتي تنص على:
(اعتبار قرار الحكم فيما يتعلق بنتيجة المباراة.. قرارا نهائياً تطبيقاً لأحكام القانون الدولي للعبة وعليه تصدر اللجنة المختصة قراراتها وفقا لذلك)
ويضيف.. وكذلك على المادة 12-5 من لائحة المسابقات:
(إذا ثبت أو دون بتقرير مقيم الحكام وقوع الحكم بخطأ فني في التطبيق لقانون اللعبة وأقر الحكم بذلك يجوز إلغاء المباراة وإعادتها بقرار من اللجنة المختصة وخلاف ذلك تثبت النتيجة كما وردت بتقرير الحكم )
كلام جميل ورائع.
فالمادة 12-4 تؤكد الاستناد إلى قرار الحكم
والمادة 12-5 تقول (إذا ثبت أو دون).. و(أو) هنا تعني لو ثبت لدى اللجنة خلاف ما ورد في التقرير كصحة الهدف الملغى أو العكس ووقوع الحكم في خطأ فني في التطبيق فإن اللجنة يحق لها اتخاذ القرار دون الاستناد لتقرير المقيم.. لكن هذا كله مرتبط ببقية الفقرة التي تقول (و أقر الكم بذلك).. والحكم هنا لم يقر بذلك!!
نخلص مما سبق إلى أن الهدف صحيح وفقا لقرار الحكم وأن قراره نهائيا.
هنا يبرز السؤال العريض: لماذا تم التصويت ؟!
ألا يعني هذا وقوع اللجنة نفسها في خطأ في تعاملها مع الحدث؟!
وهل كانت تهدف إلى إقناع المتلقي بديمقراطية القرار؟!
السؤال الأكثر أهمية:
لو حدث العكس أثناء عملية التصويت بمعني أن الغالبية مع عدم ملامسة الكرة يد الحارس.. وهو ما يخالف رأي الحكم ويؤكد على وقوع خطأ فني
هل ستقرر اللجنة إعادة المباراة ومخالفة رأي الحكم وهو المعتمد قانونا وفق اللائحة؟!
أم تعتمد النتيجة بناء على تقرير الحكم وتخالف رأيها وما توصلت إليه؟!
بقيت نقطة لا تقل أهمية عما سبق تدور في السياق ذاته وتتعلق بردود الفعل داخل الملعب بعد تنفيذ الركلة وتسجيلها خاصة اللاعب الذي نفذها ثم تابعها وسجل منها الهدف.
هذا اللاعب أحد أمرين:
إما..
أنه شاهد الكرة تلامس يد الحارس باعتباره أقرب شخص إليها من جميع الموجودين بمن فيهم الحكام عدا حارس المرمى وهو الوحيد الذي يستطيع الجزم بذلك من عدمه وبالتالي تابعها وسجل الهدف.
أو..
أنه يجهل قانون كرة القدم في هذه الجزئية بالذات.. لذلك تابع الكرة دون تفكير في ملامستها يد الحارس من عدمه.
و بين هذه وتلك
وما دار في اللجان تكمن ثقافة التعامل مع الحدث.. وأهمية الثقافة الذاتية في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب..
والله من وراء القصد.