(في منتصف الأسبوع) الماضي والذي تم نشره في عدد الجمعة الماضي لأسباب فنية بدلا من موعده يوم الثلاثاء.. والذي تطرقت فيه لقضية طارق التايب.. قلت في نهاية المقال إن الموضوع أخذ مساحة.. وحيزا لم يسمح لي بمناقشة موضوع لا يقل أهمية وهو ما حدث في مباراة النصر والاتفاق والقرارات.. ووعدت بتناول ذلك في منتصف هذا الأسبوع ما لم يطرأ جديد!
وكنت أعني بهذا الجديد.. هدوء الوضع.. ومعالجته وسير المباريات بصورة طبيعية.. وأحداث الدوري بما يتناسب وأهميته والنقلة التي حدثت فيه هذا الموسم.
ولكن!
ولكن يبدو أننا موعودون هذا الموسم.. بأحداث ساخنة، وقضايا ربما تخرج عن النص.. مما يؤثر على دقة ومثالية السيناريو المرسوم للدوري!
فالدوري لا يرحم..
والبطولة مهرها غال..
والنقطة لها تأثيرها..
وقاعدة البحث عن القمة أصبحت أكثر اتساعا.. واستيعابا لراغبي الانطلاق إلى آفاقها!
وما لم يتم ضبط هذه المعايير.. وتقوية الأساس فإن هذه القاعدة مهددة بالفوضى.. والتسارع في الانطلاق بدلا من الانضباط.. والالتزام بمعايير الانطلاق نحو القمة وكيفية الوصول إليها!
لم يمض أسبوع واحد، بل بضعة أيام على أحداث مباراة الاتفاق والنصر.. وما صاحبها من خروج عن النص وتجاوزات ليس في الحدث نفسه.. بل حتى في التعاطي معه.. وتبريره!! حتى جاءت مباراة النصر والاتحاد بحدث جديد! وإن اختلف الحدث.. إلا أن الأبواب ظلت مفتوحة للخروج من دائرة الانضباط في تناول الحدث والتعامل معه!
على أنه وقبل الدخول إلى صلب الموضوع.. وتناول هذين الحدثين.. لابد من التأكيد على أمور ثلاثة:
الأول:
وقد سبق أن أشرت إليه في مقال سابق.. كان مخصصا بالكامل له.. وهو أننا لا نقرأ.. وإذا قرأنا لا نفهم وإذا فهمنا لا نستوعب.. أو لا نريد أن نفهم!
وكنت أعني بذلك في تعاملنا مع اللوائح والأنظمة ولا أشمل الكل، بقدر ما طرحته من باب التغليب!
نحن كذلك لأننا نريد أن تسير هذه اللوائح وفق رؤانا الشخصية.. ونريدها أن تتماشى مع توجهاتنا وما نسعى إليه!
هذا إذا لم نقرأ!
وإذا قرأنا..
فإننا نفسرها وفق هذا التوجه!
والتساؤل المطروح:
هل هذا نتيجة عدم فهم؟!
إن كان كذلك فتلك مصيبة!
أم أنه نوع من (التذاكي) ومحاولة الالتفاف!
وإن كان كذلك فالمصيبة أعظم!
لأن هذا هو نوع من الأساليب التي يعبر من خلالها المتعصب عن رأيه.. ويدافع بها عن موقفه.. كما تقوله الدراسات في هذا الجانب وتؤكد عليه!
ثانيا:
إننا نبدو مثاليين.. ومع اللوائح والأنظمة.. عندما تتماشى القرارات مع مصالحنا.. وتوجهاتنا.. وما نلبث أن نتغير بمقدار 80 % درجة.. عندما لا تتفق هذه القرارات أو اللوائح مع هذه التوجهات.
ولعل قراءة سريعة لكثير من الأحداث.. والقرارات والعقوبات سواء خلال هذا الموسم أو مواسم سابقة وكيف تتغير قناعاتنا.. وتتبدل وفقا لقناعاتنا ومصالحنا حتى وإن كان الحدث نفسه.. أو مشابه له.. تؤكد هذه الحقيقة.. وهذه النظرة لا تمس فقط الذين لهم علاقة مباشرة بالحدث.. ومتأثرين به سلبا أو إيجابا.. بل حتى آخرين لا علاقة لهم به! إلا من خلال نظرة تعاطف.. أو العكس تجاه هذا النادي أو ذاك.
ثالثا:
إذا كان نادي النصر طرفا في هذين الحدثين (مع الاتفاق ثم الاتحاد) فهذا لا يعني أنه المقصود بهذا الموضوع أو بما أشرت إليه في أولا.. وثانيا! فالصدفة هي التي جعلته كذلك.
النصر ناد كغيره من الأندية
والقائمون عليه بشر كغيرهم
وما حدث من النصر.. وعلى النصر قد يحدث من غيره وعلى غيره.
وأي منتم لأي ناد.. سيسعى لتبرير موقف ناديه.. والدفاع عنه!
قد تتغير الأساليب..!
وقد تختلف حدة التعبير.!
لكن يظل هناك عامل مشترك في القناعات الذاتية للتعامل مع الحدث.. لدى الجميع!
والتعميم هنا ـ أيضاً ـ من باب التغليب.!
فكما أن في النصر من يرفض هذه التصرفات.. ويتحفظ على أسلوب معالجتها.. والتعامل معها.. فإن في الأندية الأخرى من هم كذلك مع ما يمس أنديتهم.!
ـ أعود الآن إلى صلب الموضوع.. على أنني هنا.. لن أتطرق إلى الحدث في كلتا المباراتين وتفاصيله فهذه أمور انتهت.. وتم تناولها.. بقدر ما أتحدث عن ردود الفعل وكيفية تعاملها معه..!
الاتفاق ـ النصر
رغم ما حفلت به هذه المباراة من أحداث.. تستحق التوقف إلا أن الحدث الأبرز الذي كان سيدها وتوقف عنده الجميع هو إقامة مباراة النصر التالية (مع الاتحاد) وهي أول مباراة له على ملعبه بعد هذه المباراة.. بدون جمهور كنوع من معاقبة جماهيره على تصرفهم في تلك المباراة.
هذا القرار ولد ردود فعل كثيرة تمحورت حول عدم عدله.. وأن المفروض نقل مباراته إلى ملعب الفريق الآخر (الاتحاد).
وأن القرار مخالف للائحة..!
وأن القرار غير عادل.. وهناك من تمثل بآية قرآنية (ولا تزر وازرة وزر أخرى) والمتمعن في هذه الآية ودلالاتها يدرك أنها لا تنطبق على الحادثة.
وأن اللائحة الجديدة التي تضمنت ذلك لم تعتمد وأن الأندية لم تتبلغ بها.
وحتى لو كان كذلك فهو قرار خاطئ.. والأصح تعديلها إلى نقل المباراة (أي العودة إلى اللائحة السابقة) ....الخ من ردود الفعل.
لن أدافع عن اتحاد كرة القدم، ولا عن لجانه ولا عن لوائحه.. لكن بحكم خبرتي المتواضعة ومتابعتي أود هنا الإشارة إلى نقاط مهمة.
الأولى :
إن الذين تحفظوا على عدم نقل المباراة وطالبوا بنقلها لملعب الخصم.. هم الذين كانوا يعترضون على هذا النقل في مواسم سابقة.. وتأكدت أكثر في الموسم الماضي.. على اعتبار أن الفريق المنقولة إلى ملعبه المباراة.. سيعطى ميزة إضافية على الأحد عشر فريقاً الأخرى.. بلعب مباراة على ملعبه.. وبدعم جماهيره.. وهو ما لا يحقق مبدأ العدالة والمساواة..!
وكانوا يؤكدون على عدم وجود ذلك في أنظمة (فيفا) وأن المفروض إقامتها بدون جمهور.. أو فرض غرامات أو البحث عن حلول أخرى.
وعندما تم الأخذ بهذا الرأي.. وتم تطبيقه.. عاد البعض لمعارضته والتحفظ عليه.
الثانية :
إن اتحاد كرة القدم قام بتوزيع اللائحة الجديدة على الأندية قبل أكثر من ثلاثة أشهر.. وتم نشرها في هذه الصحيفة في الثلث الأول من شهر رجب الماضي.. وأذكر أنني كتبت عنها في منتصف ذلك الشهر، وطلب الاتحاد من الأندية.. وغيرهم إبداء مرئياتهم ومقترحاتهم حيالها.
ثالثاً :
حسب علمي .. أن الأندية لم تتجاوب أو ترسل مقترحاتها (على الأقل معظمها وما يزيد عن 95 % إن لم يكن أكثر).. وعدم إبداء أية ملاحظات معناه الموافقة ضمنياً!
بل إن البعض احتج بعدم استلامهم لها رغم أن سجلات الاتحاد تؤكد ذلك.. مما يعني عدم إطلاعهم عليها.. وقراءتها.!
هذا الاعتراض.. جاء بعد وقوع الحدث..! بل إن الأندية طالبت باجتماع مع الأمانة العامة لتعديل الفقرة الخاصة بإقامة المباراة بدون جمهور..!
كل هذا جاء بعد الحدث.
فهل نحتاج لأحداث.. وأخطاء لكي نقرأ اللوائح ونفهم مضامينها؟!
وسينطبق هذا على بقية اللوائح مع اللجان الأخرى.
وأذكر أنني قلت في جمع من الزملاء والرياضيين عقب مباراة الاتفاق والنصر.. عندما كتبت الصحافة عن نقل مباراة أو مباراتين للنصر خارج ملعبه.. إن هذا لن يحدث وستقام مباراته المقبلة بدون جمهور.. لأن اللائحة تنص على ذلك.!
هذا يعني أن الصحف التي كتبت وأكدت إنما جاء عن اجتهاد وعدم تحر.. مما ساهم في إثارة الحدث!!
الرابعة :
إن اعتماد اللائحة من رئيس الاتحاد ليس شرطاً أساسياً لنفاذها.. وسريان مفعولها.. فالاعتماد هو إجراء إداري.. وإشعار الرئيس.. وموافقته ضمنا.. أو شفويا كان لذلك.. بدليل أن القرارات التي صدرت صادق عليها المكتب التنفيذي الذي يرأسه نائب رئيس الاتحاد وهذا دليل على نفاذ اللائحة وسريانها!
الخامسة :
تنص أنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم بما معناه على أنه (يحق لأي اتحاد محلي اتخاذ العقوبة المناسبة تجاه أي حدث.. لأنه الأدرى بجماهيره وأمنه).. ويؤكد كثيراً على النواحي الأمنية.
وهذا يعني أن مثل هذه القرارات ليس شرطاً أن ترتبط بـ(فيفا).. أو تنبثق منه!
السادسة :
فيما يتعلق بنقل المباراة.. أو لعبها بدون جمهور فإن نظرة مقارنة بين هذه وتلك.. توضح أن النقل يعطي الفريق الآخر ميزة إضافية عن بقية فرق الدوري ـ كما أشرت سابقاً ـ في حين أن لعبها بدون جمهور.. تمنح العدالة والمساواة بين الجميع.
من جانب آخر.. إن الفريق المتسبب في الأحداث.. في هذه الحالة هو المتضرر الوحيد.. أو الأكثر وهو ما تهدف له العقوبة.. حيث يحرم من جميع الميزات المتعلقة بالمباراة (الدخل والدعم المعنوي)..
ومعروف أنه في كل التشريعات.. أن البحث عن أخف الضررين هو الأولى بأن يتم تطبيقه.
السابعة :
ما يتعلق بدعوة بعض الأندية.. أو غيرها.. بإجراء بعض التعديلات ودخول جماهير الفريق الآخر.. فإنني أعتقد عدم جدوى ذلك.. إذ من الصعب ضبطه.. وتحديده حتى لو تم من خلال نقل عدد معين من الجماهير من مقر النادي فإن مثل هذا العدد لن يكون له أي تأثير.. ناهيك عن أن هذا لم يطبق في أي مكان.. لعدم جدواه.. وحتى الاتحاد الدولي ـ وإن كان غير ملزم ـ عندما يتخذ قرارات من هذا النوع فهو لا يستثني.. وكذلك الاتحادات الأوروبية.. لذلك أرى أن يستمر القرار كما كان.. حتى لا ندخل في إشكالات أخرى..!
محمد نور
أردت أن أضع محمد نور عنوانا لهذه الفقرة لأنه محور القضية..!
فالموضوع لا يقلق بنتيجة المباراة.. أو صحة الهدف بقدر ما يتعلق بمحمد نور نفسه..!
والمعترضون على نور.. كانوا يرون بأن عليه أن يعيد الكرة للنصر كنوع من الروح الرياضية.. واللعب النظيف الذي يطالب به الاتحاد الدولي.. ويطالب به الجميع.
هنا لن أتحدث عن الهدف.. فهو هدف صحيح من الناحية القانونية.. وحتى النصراويين مؤمنين بذلك وعلى قناعة به.
ولن أتبنى وجهة نظر دون أخرى..
ولن أدخل في نوايا محمد نور الذي قال إنه عادة يلعب الكرة لحارس المرمى باعتباره اللاعب الأبعد ليتمكن فريقه من تنظيم صفوفه وهي نظرية صحيحة.. لكني كما قلت لن أتبناها أو أعترض عليها!!
نقطة واحدة فقط.. هي محور الحديث.
لماذا تحول الحديث من نقد للروح الرياضية.. أو اللعب النظيف إلى نقد لذات الشخص؟!
وهل عدم تمسك اللاعب بالروح الرياضية يعني الطعن في سلوكياته.. وتربيته.. وشخصيته..؟!
لنترك محمد نور.. ونتحدث عن أي شخصية عامة.. أو لاعب..؟!
عندما يتصرف أي لاعب تصرفا مشيناً داخل الملعب.. مهما كان تجاه زميل.. أو فريق.. هل يعني هذا أن مسلكه العام في حياته مرتبط بهذا التصرف.. أم أنها حالة خارجة عن هذا الإطار؟!
كلنا يعرف الحديث الشريف (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، لا...الخ).
ودلالته الفصل بين المؤمن في حياته العامة وحياته أو موقفه لحظة السرقة.!
محمد نور.. (إذا سلمنا بأنه تعمد تسجيل الهدف).. فإنه في اللحظة تلك خرج عن الروح الرياضية.. لكنه في مجمل المباراة ومجمل حياته.. كان يتحلى بها..!
إذنً
يجب أن نفرق بين تصرف الشخص.. وحياته العامة.. وسلوكه!!
إنني أتساءل:
لو أن الذي سجل الهدف سعد الحارثي مثلا..؟!
ماذا سيحدث؟!
ستتغير المفاهيم والقناعات من الطرفين..
هذا يبرر وذاك يتهم.
ولو أن الحادثة وقعت في مباراة للهلال مع الأهلي وسجل الهدف ياسر أو مالك..
أو مباراة أخرى لأطراف أخرى..!
وهذه طبيعة البشر.. كما أشرت في البداية من أننا نتفق مع ما يحقق رغباتنا.. ويوافق توجهاتنا.. لكننا أيضا..
يجب أن ندرك كيف نتعامل مع الأحداث وألا نخرج بها عن إطارها الشرعي..!
وألا نتجاوز الخطوط الحمراء..!
ألا نخلط بين المفاهيم..!
أن ننقد التصرف.. ونسعى لتصحيحه.. بدلا من نقد الذات.. والتجني عليها..!
أريد أن أختم المقال بسؤال هام:
لو أن ـ وما تجدي لو أن ـ
أقول :
لو أن الجميع انتقد تصرف محمد نور (فقط) بغض النظر عن قناعات نور.. وسعى إلى توجيهه وتقريره بخطأ التصرف من حيث التعامل والروح.. وكلاعب كبير وقدوة وليس من حيث القانون والنظام..
لو تم هذا..
ما الذي سيحدث..؟!
وكيف ستكون ردود الفعل..؟!
وما تأثير ذلك مستقبلا على علاقة الناديين ومباريات الدوري عموما..؟!
سأترك الإجابة لكم.
والله من وراء القصد
وكنت أعني بهذا الجديد.. هدوء الوضع.. ومعالجته وسير المباريات بصورة طبيعية.. وأحداث الدوري بما يتناسب وأهميته والنقلة التي حدثت فيه هذا الموسم.
ولكن!
ولكن يبدو أننا موعودون هذا الموسم.. بأحداث ساخنة، وقضايا ربما تخرج عن النص.. مما يؤثر على دقة ومثالية السيناريو المرسوم للدوري!
فالدوري لا يرحم..
والبطولة مهرها غال..
والنقطة لها تأثيرها..
وقاعدة البحث عن القمة أصبحت أكثر اتساعا.. واستيعابا لراغبي الانطلاق إلى آفاقها!
وما لم يتم ضبط هذه المعايير.. وتقوية الأساس فإن هذه القاعدة مهددة بالفوضى.. والتسارع في الانطلاق بدلا من الانضباط.. والالتزام بمعايير الانطلاق نحو القمة وكيفية الوصول إليها!
لم يمض أسبوع واحد، بل بضعة أيام على أحداث مباراة الاتفاق والنصر.. وما صاحبها من خروج عن النص وتجاوزات ليس في الحدث نفسه.. بل حتى في التعاطي معه.. وتبريره!! حتى جاءت مباراة النصر والاتحاد بحدث جديد! وإن اختلف الحدث.. إلا أن الأبواب ظلت مفتوحة للخروج من دائرة الانضباط في تناول الحدث والتعامل معه!
على أنه وقبل الدخول إلى صلب الموضوع.. وتناول هذين الحدثين.. لابد من التأكيد على أمور ثلاثة:
الأول:
وقد سبق أن أشرت إليه في مقال سابق.. كان مخصصا بالكامل له.. وهو أننا لا نقرأ.. وإذا قرأنا لا نفهم وإذا فهمنا لا نستوعب.. أو لا نريد أن نفهم!
وكنت أعني بذلك في تعاملنا مع اللوائح والأنظمة ولا أشمل الكل، بقدر ما طرحته من باب التغليب!
نحن كذلك لأننا نريد أن تسير هذه اللوائح وفق رؤانا الشخصية.. ونريدها أن تتماشى مع توجهاتنا وما نسعى إليه!
هذا إذا لم نقرأ!
وإذا قرأنا..
فإننا نفسرها وفق هذا التوجه!
والتساؤل المطروح:
هل هذا نتيجة عدم فهم؟!
إن كان كذلك فتلك مصيبة!
أم أنه نوع من (التذاكي) ومحاولة الالتفاف!
وإن كان كذلك فالمصيبة أعظم!
لأن هذا هو نوع من الأساليب التي يعبر من خلالها المتعصب عن رأيه.. ويدافع بها عن موقفه.. كما تقوله الدراسات في هذا الجانب وتؤكد عليه!
ثانيا:
إننا نبدو مثاليين.. ومع اللوائح والأنظمة.. عندما تتماشى القرارات مع مصالحنا.. وتوجهاتنا.. وما نلبث أن نتغير بمقدار 80 % درجة.. عندما لا تتفق هذه القرارات أو اللوائح مع هذه التوجهات.
ولعل قراءة سريعة لكثير من الأحداث.. والقرارات والعقوبات سواء خلال هذا الموسم أو مواسم سابقة وكيف تتغير قناعاتنا.. وتتبدل وفقا لقناعاتنا ومصالحنا حتى وإن كان الحدث نفسه.. أو مشابه له.. تؤكد هذه الحقيقة.. وهذه النظرة لا تمس فقط الذين لهم علاقة مباشرة بالحدث.. ومتأثرين به سلبا أو إيجابا.. بل حتى آخرين لا علاقة لهم به! إلا من خلال نظرة تعاطف.. أو العكس تجاه هذا النادي أو ذاك.
ثالثا:
إذا كان نادي النصر طرفا في هذين الحدثين (مع الاتفاق ثم الاتحاد) فهذا لا يعني أنه المقصود بهذا الموضوع أو بما أشرت إليه في أولا.. وثانيا! فالصدفة هي التي جعلته كذلك.
النصر ناد كغيره من الأندية
والقائمون عليه بشر كغيرهم
وما حدث من النصر.. وعلى النصر قد يحدث من غيره وعلى غيره.
وأي منتم لأي ناد.. سيسعى لتبرير موقف ناديه.. والدفاع عنه!
قد تتغير الأساليب..!
وقد تختلف حدة التعبير.!
لكن يظل هناك عامل مشترك في القناعات الذاتية للتعامل مع الحدث.. لدى الجميع!
والتعميم هنا ـ أيضاً ـ من باب التغليب.!
فكما أن في النصر من يرفض هذه التصرفات.. ويتحفظ على أسلوب معالجتها.. والتعامل معها.. فإن في الأندية الأخرى من هم كذلك مع ما يمس أنديتهم.!
ـ أعود الآن إلى صلب الموضوع.. على أنني هنا.. لن أتطرق إلى الحدث في كلتا المباراتين وتفاصيله فهذه أمور انتهت.. وتم تناولها.. بقدر ما أتحدث عن ردود الفعل وكيفية تعاملها معه..!
الاتفاق ـ النصر
رغم ما حفلت به هذه المباراة من أحداث.. تستحق التوقف إلا أن الحدث الأبرز الذي كان سيدها وتوقف عنده الجميع هو إقامة مباراة النصر التالية (مع الاتحاد) وهي أول مباراة له على ملعبه بعد هذه المباراة.. بدون جمهور كنوع من معاقبة جماهيره على تصرفهم في تلك المباراة.
هذا القرار ولد ردود فعل كثيرة تمحورت حول عدم عدله.. وأن المفروض نقل مباراته إلى ملعب الفريق الآخر (الاتحاد).
وأن القرار مخالف للائحة..!
وأن القرار غير عادل.. وهناك من تمثل بآية قرآنية (ولا تزر وازرة وزر أخرى) والمتمعن في هذه الآية ودلالاتها يدرك أنها لا تنطبق على الحادثة.
وأن اللائحة الجديدة التي تضمنت ذلك لم تعتمد وأن الأندية لم تتبلغ بها.
وحتى لو كان كذلك فهو قرار خاطئ.. والأصح تعديلها إلى نقل المباراة (أي العودة إلى اللائحة السابقة) ....الخ من ردود الفعل.
لن أدافع عن اتحاد كرة القدم، ولا عن لجانه ولا عن لوائحه.. لكن بحكم خبرتي المتواضعة ومتابعتي أود هنا الإشارة إلى نقاط مهمة.
الأولى :
إن الذين تحفظوا على عدم نقل المباراة وطالبوا بنقلها لملعب الخصم.. هم الذين كانوا يعترضون على هذا النقل في مواسم سابقة.. وتأكدت أكثر في الموسم الماضي.. على اعتبار أن الفريق المنقولة إلى ملعبه المباراة.. سيعطى ميزة إضافية على الأحد عشر فريقاً الأخرى.. بلعب مباراة على ملعبه.. وبدعم جماهيره.. وهو ما لا يحقق مبدأ العدالة والمساواة..!
وكانوا يؤكدون على عدم وجود ذلك في أنظمة (فيفا) وأن المفروض إقامتها بدون جمهور.. أو فرض غرامات أو البحث عن حلول أخرى.
وعندما تم الأخذ بهذا الرأي.. وتم تطبيقه.. عاد البعض لمعارضته والتحفظ عليه.
الثانية :
إن اتحاد كرة القدم قام بتوزيع اللائحة الجديدة على الأندية قبل أكثر من ثلاثة أشهر.. وتم نشرها في هذه الصحيفة في الثلث الأول من شهر رجب الماضي.. وأذكر أنني كتبت عنها في منتصف ذلك الشهر، وطلب الاتحاد من الأندية.. وغيرهم إبداء مرئياتهم ومقترحاتهم حيالها.
ثالثاً :
حسب علمي .. أن الأندية لم تتجاوب أو ترسل مقترحاتها (على الأقل معظمها وما يزيد عن 95 % إن لم يكن أكثر).. وعدم إبداء أية ملاحظات معناه الموافقة ضمنياً!
بل إن البعض احتج بعدم استلامهم لها رغم أن سجلات الاتحاد تؤكد ذلك.. مما يعني عدم إطلاعهم عليها.. وقراءتها.!
هذا الاعتراض.. جاء بعد وقوع الحدث..! بل إن الأندية طالبت باجتماع مع الأمانة العامة لتعديل الفقرة الخاصة بإقامة المباراة بدون جمهور..!
كل هذا جاء بعد الحدث.
فهل نحتاج لأحداث.. وأخطاء لكي نقرأ اللوائح ونفهم مضامينها؟!
وسينطبق هذا على بقية اللوائح مع اللجان الأخرى.
وأذكر أنني قلت في جمع من الزملاء والرياضيين عقب مباراة الاتفاق والنصر.. عندما كتبت الصحافة عن نقل مباراة أو مباراتين للنصر خارج ملعبه.. إن هذا لن يحدث وستقام مباراته المقبلة بدون جمهور.. لأن اللائحة تنص على ذلك.!
هذا يعني أن الصحف التي كتبت وأكدت إنما جاء عن اجتهاد وعدم تحر.. مما ساهم في إثارة الحدث!!
الرابعة :
إن اعتماد اللائحة من رئيس الاتحاد ليس شرطاً أساسياً لنفاذها.. وسريان مفعولها.. فالاعتماد هو إجراء إداري.. وإشعار الرئيس.. وموافقته ضمنا.. أو شفويا كان لذلك.. بدليل أن القرارات التي صدرت صادق عليها المكتب التنفيذي الذي يرأسه نائب رئيس الاتحاد وهذا دليل على نفاذ اللائحة وسريانها!
الخامسة :
تنص أنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم بما معناه على أنه (يحق لأي اتحاد محلي اتخاذ العقوبة المناسبة تجاه أي حدث.. لأنه الأدرى بجماهيره وأمنه).. ويؤكد كثيراً على النواحي الأمنية.
وهذا يعني أن مثل هذه القرارات ليس شرطاً أن ترتبط بـ(فيفا).. أو تنبثق منه!
السادسة :
فيما يتعلق بنقل المباراة.. أو لعبها بدون جمهور فإن نظرة مقارنة بين هذه وتلك.. توضح أن النقل يعطي الفريق الآخر ميزة إضافية عن بقية فرق الدوري ـ كما أشرت سابقاً ـ في حين أن لعبها بدون جمهور.. تمنح العدالة والمساواة بين الجميع.
من جانب آخر.. إن الفريق المتسبب في الأحداث.. في هذه الحالة هو المتضرر الوحيد.. أو الأكثر وهو ما تهدف له العقوبة.. حيث يحرم من جميع الميزات المتعلقة بالمباراة (الدخل والدعم المعنوي)..
ومعروف أنه في كل التشريعات.. أن البحث عن أخف الضررين هو الأولى بأن يتم تطبيقه.
السابعة :
ما يتعلق بدعوة بعض الأندية.. أو غيرها.. بإجراء بعض التعديلات ودخول جماهير الفريق الآخر.. فإنني أعتقد عدم جدوى ذلك.. إذ من الصعب ضبطه.. وتحديده حتى لو تم من خلال نقل عدد معين من الجماهير من مقر النادي فإن مثل هذا العدد لن يكون له أي تأثير.. ناهيك عن أن هذا لم يطبق في أي مكان.. لعدم جدواه.. وحتى الاتحاد الدولي ـ وإن كان غير ملزم ـ عندما يتخذ قرارات من هذا النوع فهو لا يستثني.. وكذلك الاتحادات الأوروبية.. لذلك أرى أن يستمر القرار كما كان.. حتى لا ندخل في إشكالات أخرى..!
محمد نور
أردت أن أضع محمد نور عنوانا لهذه الفقرة لأنه محور القضية..!
فالموضوع لا يقلق بنتيجة المباراة.. أو صحة الهدف بقدر ما يتعلق بمحمد نور نفسه..!
والمعترضون على نور.. كانوا يرون بأن عليه أن يعيد الكرة للنصر كنوع من الروح الرياضية.. واللعب النظيف الذي يطالب به الاتحاد الدولي.. ويطالب به الجميع.
هنا لن أتحدث عن الهدف.. فهو هدف صحيح من الناحية القانونية.. وحتى النصراويين مؤمنين بذلك وعلى قناعة به.
ولن أتبنى وجهة نظر دون أخرى..
ولن أدخل في نوايا محمد نور الذي قال إنه عادة يلعب الكرة لحارس المرمى باعتباره اللاعب الأبعد ليتمكن فريقه من تنظيم صفوفه وهي نظرية صحيحة.. لكني كما قلت لن أتبناها أو أعترض عليها!!
نقطة واحدة فقط.. هي محور الحديث.
لماذا تحول الحديث من نقد للروح الرياضية.. أو اللعب النظيف إلى نقد لذات الشخص؟!
وهل عدم تمسك اللاعب بالروح الرياضية يعني الطعن في سلوكياته.. وتربيته.. وشخصيته..؟!
لنترك محمد نور.. ونتحدث عن أي شخصية عامة.. أو لاعب..؟!
عندما يتصرف أي لاعب تصرفا مشيناً داخل الملعب.. مهما كان تجاه زميل.. أو فريق.. هل يعني هذا أن مسلكه العام في حياته مرتبط بهذا التصرف.. أم أنها حالة خارجة عن هذا الإطار؟!
كلنا يعرف الحديث الشريف (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، لا...الخ).
ودلالته الفصل بين المؤمن في حياته العامة وحياته أو موقفه لحظة السرقة.!
محمد نور.. (إذا سلمنا بأنه تعمد تسجيل الهدف).. فإنه في اللحظة تلك خرج عن الروح الرياضية.. لكنه في مجمل المباراة ومجمل حياته.. كان يتحلى بها..!
إذنً
يجب أن نفرق بين تصرف الشخص.. وحياته العامة.. وسلوكه!!
إنني أتساءل:
لو أن الذي سجل الهدف سعد الحارثي مثلا..؟!
ماذا سيحدث؟!
ستتغير المفاهيم والقناعات من الطرفين..
هذا يبرر وذاك يتهم.
ولو أن الحادثة وقعت في مباراة للهلال مع الأهلي وسجل الهدف ياسر أو مالك..
أو مباراة أخرى لأطراف أخرى..!
وهذه طبيعة البشر.. كما أشرت في البداية من أننا نتفق مع ما يحقق رغباتنا.. ويوافق توجهاتنا.. لكننا أيضا..
يجب أن ندرك كيف نتعامل مع الأحداث وألا نخرج بها عن إطارها الشرعي..!
وألا نتجاوز الخطوط الحمراء..!
ألا نخلط بين المفاهيم..!
أن ننقد التصرف.. ونسعى لتصحيحه.. بدلا من نقد الذات.. والتجني عليها..!
أريد أن أختم المقال بسؤال هام:
لو أن ـ وما تجدي لو أن ـ
أقول :
لو أن الجميع انتقد تصرف محمد نور (فقط) بغض النظر عن قناعات نور.. وسعى إلى توجيهه وتقريره بخطأ التصرف من حيث التعامل والروح.. وكلاعب كبير وقدوة وليس من حيث القانون والنظام..
لو تم هذا..
ما الذي سيحدث..؟!
وكيف ستكون ردود الفعل..؟!
وما تأثير ذلك مستقبلا على علاقة الناديين ومباريات الدوري عموما..؟!
سأترك الإجابة لكم.
والله من وراء القصد