كلما أرى مظاهر العيد في العصر الحاضر بالنسبة للأطفال أو الكبار، لا أدري لماذا تلقائيا(ترن) في أذني كلمات كنت أستمع إليها من الوالد رحمه الله ومن كان في عمره، هو ينظر إلى أن مظاهر العيد كانت في أيامهم أجمل وأفضل وأحلى من أعيادنا.. على الرغم من أنني حينما أتذكر كيف كان احتفاء الجيل الذي كنت أنتمي إليه أشعر أنني أرغب في ترديد نفس كلمات الوالد فيما يخص جيل اليوم على مختلف أعمارهم وبالذات الأطفال والشباب، حيث أرى أن عيدهم مختلف تماما عن ماكان والدي ليس راضيا عنه وغير معجب به فرحا ومايسبقه من تجهيزات أصبحت في العصر الحالي أشبه بالحدث (العادي) جدا، وإن ظل انتظار إعلان الديوان الملكي بثبوت مشاهدة هلال شوال هو الذي فيه شبه إلى حد بحالة انتظار كانت لها وقع مبهج جدا في نفوسنا، والتبريكات التي تنطلق مباشرة بين أفراد الأسرة الواحدة والعوائل، وإن تطورت الوسيلة والأسلوب في زمن الكومبيوتر والقرية الواحدة. -عندما تصلني هذه المشاعر بكل ما تحمل من رؤى متناقضة في مقارنة غير متكافئة، اسأل نفسي ماذا لو أن والدي كان على قيد الحياة أو من هم في سنه مازالوا بيننا أحياء، كيف سيكون وقع هذا الاختلاف الجذري في استقبال العيد والاحتفاء به عليهم، أحسب أنهم (سيترحمون)على أيامنا ولا أعلم ماذا سيقولون لأحفادهم، في الوقت الذي ألمس من خلال كل المتغيرات التي طرأت على جيل هذا العصر أن فرحتهم (الباهتة) ماهي إلا(مجاملة) لنا بحكم المحافظة على العادات والتقاليد الأسرية، وقبل ذلك التقيد بتعاليم دينية تفرض على كل مسلم إبراز مظاهر الفرح بعيد الفطر المبارك. -إنني على يقين أن مثل هذه المشاعر التي تبحث للفرح مكاناً وزمانا لاتنطبق على الأسر الفقيرة جدا، فالعيد مازال بالنسبة لها في نفس مستوى فرحتي وفرحة الأجيال الماضية، ذلك لأن وسائل الترفيه لم تكن مهيأة لها في كل الأوقات وبنفس هذا الحجم والكثافة بما هو متوفر لجيل اليوم، حتى فيما يتعلق بلبس الثياب الجديدة فإن أبناء هذه الأسر الفقيرة تترقب بشغف شديد موعد انتهاء شهر رمضان لتبتهج سعادة في أيام لايتكرر الفرح عندها في السنة الواحدة إلا مرة واحدة، على العكس تماما من هم باتوا الآن يعيشون في رغد االعيش ومتاح لهم شراء الملابس في أي وقت يريدونه و(يتفننون) في اختيار أنواع وطرق تفصيلها ولهذا لا(يحسون) بالعيد، إذ إن أيامهم باتت كلها أعياداً، وهذا هو الفرق بين أجيال وبين أسر أنعم الله بالمال الوفير عليهم وأخرى العيد عنوان مناسب يصف حالها. - في نهاية هذه الكلمة لعلني أتساءل، وأغلب ظني هناك من سوف يشاركني هذا السؤال إن تجاوزنا فرحة ستبقى مظاهرها موجودة في كل الأزمنة، كيف سيكون مظهر العيد بالنسبة للأجيال المقبلة وأعني بعد عقدين من الزمن، (تخيلوا) معي كيف سيكون موقف جيل اليوم بعد أن أصبحوا آباء؟ ماذا عساهم يقولون لأبنائهم؟ أخشى ماأخشاه أن التهنئة بالعيد وب(كل عام وأنتم بخير) تختفي وتصبح موضة قديمة. -أخيرا وليس آخراً .. أقدم خالص التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني لمجلس الوزراء ولكافة الشعب السعودي والشعوب الإسلامية بعيد الفطر المبارك، وتقبل الله من الجميع صيامهم وقيامهم وصالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير .. ومن العائدين.