|


علي الشريف
ثقافة الـ"مَغص"
2016-08-18

وهذه تشكلت في العهد القريب ولها "مول ّ دات" بدرجة آلاف الفولتات، كأن لا تقول "أحسنت" لأحد ليس من كوكبة نجوم فريقك المفضل، وتتجه دوماً للتقليل وتقزيم الآخر لأنه ليس في ناديك "قيمة" تضاهي تلك التي أحدثها الآخر، فلا تسرد ما يندرج على "كلمة حق"، أو تكرس "لجمال"، فتنقص الآخر ما "أنجز" وبشكل ملفت لا تتقبله لأن من أحدثه ليس ذات اللون والميول، ولن تقبل أن يبخسك أحد أدنى حقوقك، أو حقق من تهتف له، وتشجعه وتؤازره، وبلغة طرح "تسلفنت" أو تغطت " بهذا رأيي وأنا حر فيه"، ولا أنافسك حريتك، ولكني لن أقبلك وأنت بهذا "التشفي" غير المبرر في " ذائقة " ليس بالضرورة تتفق معها، ولكن لها كامل التقدير والاحترام بل والحقوق في أن تشير إلى ما أنجزت ولو بالسكوت قبل التشفي، والهدوء قبل أن تحترم أشياء الآخرين، وهذا في حد ذاته "أقل من الوعي"، وأقرب إلى الابتذال "الكتابي"، الذي تحاول أن تسحب الناس إليه، وتقنعهم بأن لا ملاك إلا ناديك ونجمك وبطولاتك، فيما الآخر أيضا يعمل ويلفت إليه الكتابة، ومن حقه عليك أن تمنحه العدل، وليس أن تكيل له "التقزيم" لتكون "شاوي بني عبس".

وهذا ال"مغص" لا يجب أن يتكاثر وفق "التفريغ"، أو تلك التي تنحاز بك ككاتب أو ناقد أو حتى مغرد أن تبخس الناس أشياءهم، فالأجمل أن تكرس الكتابة للجمال، وليس لنثر القبح من باب "أنانية تصب في الانحياز" للكثير من أشيائنا الخاصة ظناً منا أن على الجميع أن يتقبل هذه "الاقصائية" الفجة التي ما لم تكن معها فأنت بما تحمل من ناد أو ذائقة في خانة البغيض الممل، والمنافح الذي لا يرى كما يجب.

وأمثلة مثل هذا الطرح كثيرة، بل جدا، وتقاس وفق "إعلام من يشجع ماذا"، فيما لا إعلام يشجع، ولكنه ومن باب ما تكاثر وصار على مضض أصبح أكثرية، ومن خلاله أصبح طرح الأشياء في انحياز متقن، لا يشيد بصاحب حق، ويتواصل بطريقة التكتل، ذلك الذي يجمع على "بخس"، وهذا أمر مؤسف، ثم إن "الرياضة" كبوابة عريضة للأشياء " أنتجت مثل هذه "الثقافة"، وأقصد ما "يتمغض عليك"، فلا تجد الأرقام صحيحة، ولا الرأي في أغلبه يتزن لخلط ما يحدث بين مهمة الكاتب ومهمة من يدير الأشياء بعاطفة، مع عدم فصل ما بين "للناس"، وما بين "لك" كحرية شخصية وتحبذ وتكره، وبهذه وتلك يتلقف جيل جديد بأكمله ما تكرس "في عينيه"، وسط هذا الكم ايف من ملامسة وطرح الأشياء ب"لا"/ متينة، وغير منصفة، وتشجع، وتنحاز، ما يعني أن سيكون التعصب مستقبلاً أكثر صحة وعافية وهو وسط هذه الأكوام من "سيرلاك" ما يغذى به عقله، فما بالك وهو "يتوتر"، "ويتفيس"، ويتواصل في الجملة أكثر من مئات "الرتويت"، ويرى الملاسنة تلو الأخرى "لايف"، وبدون هدوء يذكر أو عدل يسرد ولذا يرى الكل "أقزاماً" إلا صوت عاطفته في أحد يضحك عليه.

وهذا لا يعني إطلاقاً وجود البعض المتزن ولكنه ليس الكثير، بل انقلبت الطاولة عليه فصار هو النشاز أو الموتور، فيما أهل قربعة أهل الصوت العالي والكثير وصراخهم بات يغطي أكثر، ومرتكز المقال: ألا تضيع عدلك، ولا أمانتك التاريخية، ولا حسن لفظك أو سردك أو حتى إقناعك لأحد ينصت إليك، ويرى فيك نموذج "الأستاذ" فيما يستمد منك بصيص معلومة، ولو كسبت بلا عدلك جولة، أعتقد أن خساراتك المقبلة ستكون أفدح، طالما زعم تطور الوعي قائماً ويتراكم ويرى أكثر، والذي أخشاه أن "لا وعي"، طالما هذا التكريس لسوء الأشياء بهذا الحجم، بدءا من فكرة المؤامرة وانتهاء إلى أنا "أحسن منك"، في واقع الرياضة رقمياً ليس بذلك القدر من الكفاءات ولو وجدت هنا أو هناك بعض الجيد.

إن التكريس لما أسوأ يدعو لما أقل، فيما أن تصف الناس تفرز بين الغث والسمين، ثم إن اعتقاد أن ترى الأشياء بمفردك لتقنع بها الناس "أشك فيها"، طالما العالم بهذه السرعة من التطور والتقنيات ورصد المقال والآخر، والمعلومة وبنت عمها، وكم "شاهدنا" مؤخرا "يوتيوبز" تكشف ما كان من أخطأ، بل وعدلت سياق الفهم إلى حقائق مختلفة، ولمن يشرح ذلك عليه أن "لا يهايط"، طالما حوار وفكرة وضدها، فالأمر برمته صالح عام "سليم"، ولا "يلعن ويقبح" الأشياء على أن ذلك الحل ..

انتهت المساحة.. إلى اللقاء.