في صائفة سنة 2011م، كتبت هنا أن الثقافة الهلالية على وشك الانهيار، بعد أن أصبحت "المعرفات الوهمية" في مواقع التواصل تتحكم في جزء مهم من صناعة الرأي.
ما دعاني إلى كتابة التحذير، هو التغيّر الخطير في التعامل مع الأحداث؛ فالفريق الأزرق أنهى موسمه برقم قياسي، حين حقق بطولة الدوري دون خسارة، وأضاف إليه كأس ولي العهد، ومع ذلك اعتبر موسمًا كارثيًّا؛ فاستقال الرئيس واحتقنت الجماهير وتكهربت الأجواء وعمّ الحزن، بدلاً من الفرح، وحينما حذرت اعتبر تحذيري "تطبيلا" للإدارة آنذاك، وانتشرت في الساحة "ثقافة الجماهير"؛ فجبن بعضهم عن طرح رأيه خوفًا من تأليب الجماهير عليه، وسار مع الموجة السائدة، وكأنهم لا يعلمون أن من يسبح مع التيار هو "السمك الميّت" فقط،
كان الغضب الجماهيري الأزرق بعضه وليس كله مرده أن هذه بطولات "محلية"، وهم بأمس الحاجة إلى بطولة خارجية، وهذا التصنيف في البطولات قتل الرغبة عند كثير من الهلاليين، حتى وصل الداء إلى بعض صناع قراره ولاعبيه.
كنت وما زلت أرى أن البطولة الآسيوية تحديدًا، "واحدة" من أربع في أجندة كل موسم، وإن رغب الهلاليون في تحقيقها اعتبارها كذلك، بل وضعها في المرتبة الثانية بعد الدوري. كما تتعامل أغلب الأندية العالمية؛ فـ"اليوفي" الذي لم يحقق البطولة القارية لم يتوقف عن احتكار دوري بلاده لخمس سنوات متتالية، وما زال يدعم فريقه كل فترة تسجيل باللاعبين المميزين.
في هذا الموسم، كان الهلال "استثنائيًّا"؛ فعاد جزء من هيبته وقدم في جلّ موسمه مستويات مبهرة، وحقق أرقامًا قياسية في الدوري الأصعب في التاريخ السعودي، في ليلة ختام تاريخية وبخماسية لن ينساها النصراويون، وسيكتبها التاريخ ويخلدها في سجلاته، ثم أعقب ذلك تحقيق كأس الملك، وتصدّر مجموعته القارية ودكّ مرمى كبار المنافسين المحليين والخارجيين بأرقام قياسية، وسدد فواتير انتظر الهلاليون تسديدها على أحر من الجمر، ثم فاز في مباراة الذهاب في دور الـ 16، وقلب نتيجة تخلفه في الشوط الأول، ومع ذلك ظهرت بعض الأسماء التي يبدو أنها أدمنت الانتقاد؛ فركزت على السلبيات وتضخيمها واعتبار آرائها صوابًا لا يقبل الخطأ؛ فهاجمت الإدارة بسبب خبر إمكانية التجديد مع قائد الفريق، ثم فتحت نار الغضب على اللاعب الزوري؛ بسبب مقطع "سناب" أخطأ فيه واعتذر عنه، وألغى حسابه بعدها، بل تواصلت حملات التقليل من حارس ودفاع الفريق؛ بسبب الأهداف التي دخلت مرمى الفريق في المباريات الأخيرة. والمصيبة العظمى أن الفريق فاز في جميع تلك المباريات.
لست ضد النقد، بل مؤيد له، لكن وفق ضوابط ومعايير، لكنني ضد "تصيّد الأخطاء" والبحث عنها، والتعامل بقاعدة "من الحب ما قتل".. ولهؤلاء أقول العنوان.
الهاء الرابعة
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعش واحدًا أو صل أخاك فإنه
مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه