أعلم يقيناً أن السباحة عكس التيار لا يقوم بها سوى السمك (الحيّ) وأن الانجراف مع التيار عملية سهلة يستطيع أن يقوم بها حتى (الميّت)
وأجزم أن أحد أهم الحلول الناجعة في وسطنا الرياضي أن تتساير وتركب الموجة السائرة وتحتفظ برأيك المعارض لنفسك وهذا ما يسمى بثقافة الجمهور وللأسف الشديد أنها موجودة في كل مناحي الحياة وقد ناقشت قبل فترة عالماً فاضلاً عن حكم شرعي في مسألة ما فيها قول غير السائد وأخبرني أن لا أحد يجرؤ على طرح القول الآخر خوفاً من (ثقافة الجماهير).
مع كل هذه التوطئة قررت الدخول فيما أريد إيصاله بشأن الواقع الهلالي، الذي يشهد حالة من الغضب العارم بعد فقدان لقب الدوري وتوجهت سهام النقد بعدها للمدرب المغلوب على أمره كعادة الساحة الرياضية السعودية، التي لن تتطور وتتقدم إلا إذا تخلت عن اعتبار المدربين (الحلقة الأضعف).
وللتوضيح فقط (أحضر أفضل ثلاثة مدربين في العالم حالياً وللمثال مورينهو وجوارديولا وسيميوني مدربين للمنتخب السعودي بعناصره الحالية وقدم مكافأة لك لاعب مليار ريال، واطلب منهم تحقيق كأس العالم فهل يستطيعون، الجواب بالطبع لا يستطيعون والسبب يعود إلى الأدوات المنفذة لا تملك القدرة على ذلك)
هنا مربط الفرس وهنا مشكلة الهلال الحقيقية فالعناصر الحالية لا تملك القدرة ولا الرغبة بدليل المستويات المتأرجحة فتارة في القمة وأخرى في القاع واللاعب الوحيد من بين المحليين والأجانب الذي يحظى برضا الزعماء هو ياسر الشهراني لأنه الوحيد المحافظ على مستواه يغلفه بروح عالية لا تعرف اليأس
لو كان كل لاعبي الهلال بنفس روح ورغبة وثبات مستوى الشهراني هل سيقف فريق في طريقه؟
ما طرح أعلاه ليس دفاعاً عن دونيس لكنه رأي مبني على حقائق فالهلال خلال ابتعاده عن الدوري أشرف عليه سبعة مدربين أشرفوا على أندية كبيرة في دوريات عالمية كبرى وحققوا المنجزات فلماذا أخفقوا مع الهلال؟
أيها السادة العمل في الأندية ليس فردياً بل منظومة متكاملة ولوضع المشرط على الجرح اسألوا أنفسكم هل سعى أعضاء الشرف للقضاء على الدين وبالتالي تمكين الفريق من دعم صفوفه بلاعبين محليين وأجانب في ظل وضوح حاجته لصانع ألعاب ماهر وهداف يسجل من أنصاف الفرص ومحور دفاعي يملك مقومات القيادة.
هل نجحت الإدارة في تخطي الأزمة المالية وفي معالجة حالة اللاعبين النفسية؟
هل حضرت الجماهير بكثافة وساهمت في مؤازرة الفريق وفي دعم خزينة النادي؟
هل عرف الإعلام الأزرق كيف تدار الأمور وكيف تصنع الأحداث؟
صناعة فريق بطل (ثقافة) يشترك فيها الجميع وعلى الهلاليين جميعاً إن رغبوا في العودة لجادة الصواب أن يحاسب كل شخص نفسه ويرى ماذا قدّم
الهلال كان هو الفعل وهو الذي يقود الأحداث حالياً أصبح الهلاليون (ردة فعل) لذا استجاب لمقولة إن آسيا عقده ونسي أنه زعيمها وكان يحققها لأنه يعتبرها جزءاً من (روزنامة الموسم)
والهلاليون غضبوا في موسم 2011 واعتبروه موسماً كوارثياً رغم أنه حقق الدوري بدون خسارة وبرقم قياسي بسبب الخروج من البطولة الآسيوية فكان التهميش لبقية البطولات
والهلاليون غضبوا عندما عجزوا عن تحقيق كأس الملك واعتبروها عقدة وحينما حققها الفريق أصبحت من الهوامش ويريدون الدوري لأنهم ابتعدوا عنه ولأن رغباتهم أصبحت تتعلق بما لم يستطع الفريق تحقيقه.
إذا أراد الهلاليون العودة لسابق عهدهم فعليهم هم أن يعودوا لسابق ثقافتهم وأن يصبحوا هم الفعل والآخرون ردة الفعل وأن يحتفلوا بمنجزاتهم ويقدروها حق قدرها.
الهاء الرابعة
الهقاوي فالعرب تبغى شطارة
لا تقول إنّ السمي يشبه سميّه
فيه ملحٍ في محلات العطارة
وفيه ملحٍ في رصاص البندقيّه