لم يكن التقرير الذي عرضته العربية عبر برنامجها " في المرمى " الأول ولا الأخير الذي يتعرض فيه اسم هلالي مهم للإساءات البذيئة، فقد سبق أن عرضت القناة الرياضية السعودية بطريقة متشابهة تقريرا مسجلا فيه ممارسة لعنصرية بغيضة نحو سامي الجابر وهو في حينها قائدا للمنتخب الوطني وهو في مهمة خارجية مع المنتخب، بل إن مواقع التواصل الاجتماعي والقروبات الجماعية تحفل بالمقاطع والصور المفبركة المعتمدة على بذاءة وصلت في بعض مراحلها لاستغلال صورة الأسطورة السعودية وهو ساجد لرب العالمين، لكنهم جيروها للركوع لمدرب أجنبي دون استشعار لأهمية الشعيرة الدينية ولا لإنسانية ابن الوطن الذي لاذنب له في كل ما يحدث سوى أنه صاحب همة عالية وطموح كبير، لكننا مجتمع يقاتل من إجل إفشال الناجح وحين يفشل نتهكم به، ومن يمارس ذلك تجد أبرز قدراته العقلية القدرة على معرفة كيفية تناول " الفصفص " بسلاسة وعلى فتح علب " الحمضيات " وتناولها بنهم كبير حتى اصفرّت شفتاه وبنانه.
في تقرير العربية المسيء إدانة كبيرة لكل من وقف خلفه فهو " مسجل " والقدرة على التحكم في المواد المسجلة متاحة بشكل كبير، ومثل هذه المواد لايمكن عرضها إلا بعد إجازتها من جهاز مراقبة يتكون من عدة أفراد يتابعون حتى اللقطات الهامشية التي تحدث خلف المصرحين للحذر من ورود عبارة أو إشارة أو حتى ملبس تتنافى مع قواعد الآداب العامة، والقناة نفسها محترفة وتشرف عليها عقول مدربة ومتمكنة خبرة ودراسة وممارسة، ومع علمي بأن المجموعة الإعلامية التي تتبعها القناة تصطبغ باللون الأصفر القاني هوى وميولا، وأنها خلال فترة سنوات الحرمان الطويلة التي ظهرت في أوج جدبها كانت تمارس المهنية أو تدعيها، لكن الحياد والمهنية أصبحت على المحك مع عودة فريقهم المفضل للبطولات، فتواصلت التجاوزات المهنية أو الأخلاقية المستفزة للمنافس، وأغلب الظن أن هذه التجاوزات جاءت وفق النغم الجديد " شفتوا الحياة برجعته كيف صارت "
الغريب في الأمر ليس الإساءة ولا اعتذار مطلقها حين يعتذر، ولدي خبر بأن القناة ستعتذر هذا المساء، ولدي إحساس غريب بأن الاعتذار سيأخذ صفة البرودة ومن باب الاعتذار للاعتذار فقط، لكن الغرابة كل الغرابة في صمت الساحة قاطبة إلا من الهلاليين الذين أزعجهم وآذى مشاعرهم التجاوز الخطير ولم تتحرك بقية الألوان دفاعا عن إنسان لاذنب له في كل مايحدث، فلم نشاهد النصراوي ولا الاتحادي ولا الأهلاوي يعترضون ويستنكرون، ولم نشاهد مدعيي المثالية الزائفة يذرفون دموع التماسيح على قيم أهدرت وعلى كرامة حياد مسحت بها شوارع وأرصفة، ولم نشاهد كتّاب رأي عام حضروا في مناسبات سابقة في مواكب الرعاع ومساوئ الأخلاق، وكنا سنشاهدهم جميعا لو أن الإساءة صدرت من هلالي حتى لو أن المسيء إليه من خارج حدود الوطن.
كل ذلك والحيادية والمهنية تصرخ بأعلى صوتها " حتى أنت يابتال ".
الهاء الرابعة
ارْحَلْ بِنَفْسِكَ مِنْ أَرْضٍ تُضَامُ بِهَا
وَلاَ تَكُنْ مِنْ فِرَاقِ الأَهْلِ فِي حُرَقِ
فالعنبرُ الخامُ روثٌ في مواطنهِ
وَفِي التَّغَرُّبِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُنُقِ