حينما تقول لأحدهم حتى من باب الدعابة « خلّك شجاع « غالبا تثور ثائرته وربما تنتفخ أوداجه ويخرج عن طوره، وحين تهدأ أعصابه يبدأ في شرح شجاعته الطاغية وأنه وأنه، حتى تقول في نفسك وربما تعلنها « ليته يسكت « لأنك متيقن بأن الدخول في نقاش معه لن يجدي، وربما تخرج فيه الأمور عن السيطرة خصوصا إذا كنت ترى رأي العين « جبنه « عن ذكر الحق في مواقف كثيرة وليقينك أيضا بمقولة المناضل الهندي الشهير المهاتما غاندي : “ كل الصفات من الممكن أن تنقلب إلى أضدادها إلا الجبان لا يمكن أن يكون شجاعا « مع العلم أن تفسير الشجاعة يختلف من أمة إلى أمة ومن شعب إلى آخر ومن حقبة زمانية إلى التي تليها أو تسبقها، ولدينا في المجتمع السعودي غالبا ما تصنف الشجاعة على أنها المتعلقة بالأعمال الجسدية في تصفية المنافسين أو الخصوم في الشجارات غير الإنسانية مع إهمال كبير للشجاعة الأدبية المعنية بإقرار الحق حتى على نفس الإنسان، وهي نوع من الشجاعة لايجيده إلا الشجعان الحقيقيون، فهي كحدّ « الموس « حين يبلعه الشجاع يجرح حين يجرع ويجرح حين يخرج، ولعل هذه الشجاعة تكاد تكون منعدمة تماما في الوسط الرياضي رغم أن غالبية المنتسبين إليه يخرجون عن طورهم حينما تقول لأحدهم « خلّك شجاع « وتأتي معوقات ظهور الشجاعة الأدبية لأنها تربط بالميول والصدح بها يعني إدانة الفرق المفضلة أو المنتسبين لها وأحيانا تأتي على شكل أجزاء متفرقة فتارة تحضر وتارة تغيب ولكم في المثال خير توضيح، فالإدارة الهلالية التي سعت لإدانة جماهير ومسؤولي الاستقلال الإيراني بل وحرصت على توثيق الأدلة بمجهود يذكر فيشكر، غابت عن حماية فريقها ولاعبيه وجماهيره داخليا سواء من أطراف أو جماعات حتى أصبح الدم الأزرق مستباحا. فالأهازيج المسيئة التي ترددها مدرجات المنافسين بحق الكيان أو أحد المنتسبين إليه اعتبرت من الأشياء الطبيعية، ولكم في تصريح المسؤول الأصفر الأخير خير برهان على عجز الإدارة الزرقاء عن حماية لاعبيها، خصوصا أن التصريح موثق بالصوت والصورة واتحاد الكرة الذي عاقب رئيس الهلال لأنه امتدح حكما بطريقة فسّرت على أنها تهكمية يعجز عن عقاب نفس العضو الأصفر الذي وصف رئيس اتحاد كرة القدم بـ « الضعيف « كما وصف لجنة الخصخصة التي يشرف عليها رجال من خيرة الرجال بـ « الخسخسة « والجماهير والإعلام الأهلاوي الذي يدافع عن أحمد عيد في كل شاردة وواردة غابت شجاعته أيضا في هذه الحادثة، والإعلاميون الذين يبرعون في الهجوم مع كل مطلع شمس ومغربها، والبرامج التي تتابع كل الأحداث عن الملابس والعكازات والأحذية – أكرمكم الله – باتت جبانة عن النطق بالحق، كل هذا وهم يلتفتون الآن ذات اليمين وذات الشمال وكأن الأمر لايعنيهم، فالشجاعة حتى مع النفس باتت تحتضر. الهاء الرابعة إني ابتليت بأربع ماسلطوا إلا لشدة شقوتي وعنائي إبليس والدنيا ونفسي والهوى كيف الخلاصِ وكلهم أعدائي