أن تجد مشجعاً مراهقاً قليل الحيل والحيلة والقدرات العقلية يرى الدنيا كل الدنيا من خلال فريقه وألوان فريقه فيجعل كل شيء مربوط به حتى المنتخب الوطني يسقط عليه شعار فريقه فإن فاز المنتخب لوجود لاعبين من فريقه المفضل فرح وانتشى وتهكم بمشجعي الفرق المنافسة واضعا حالته تلك تحت شعار " المنتخب يمثلني"، وإن خسر وقف موقف الصنديد المنافح والمكافح ضد المتهكمين، وإن كان المنتخب لا يضم أو لم يشارك بين صفوفه ممن ملك شغاف قلبه أحد انقلب عليه ونال منه وتهكم لخسارته وقلل من انتصاراته وهذه أبسط صور التعامل وإلا فالتفاصيل معقدة ومتشابكة حتى وصلنا لمرحلة " مخزية " وهذه المفردة أعنيها بكل تفاصيلها فعلى حد علمي لم أقرأ أو أسمع أو أشاهد مواطنين لأي بلد في العالم لا يفرحون لفوز منتخب بلادهم ويتشمتون به عند الخسارة ويتقاذفونه فيما بينهم كأنه " الجلد المنفوخ " ومع كل هذا ربما أجد في هذه الصورة شيئا من المنطقية، فعمر المشجع وقدراته العقلية وانفعالاته العاطفية وشدّة تعلقه بفريقه تجنح به نحو البعيد عن الصواب وإن اشتد عوده وبلغ مبلغ الرجال فحتماً ستتغيّر نظرته ويدرك أنه كان على خطأ جسيم وهذه طبيعة النفس البشرية تنمو وفق مراحل وفي كل مرحلة يتطوّر العقل وينضج أكثر من ذي قبل وتهدأ النفس وتستكين وتصبح أقل عرضة لتأثير العوامل الخارجية وربما ينطبق عليها قول الشاعر الشعبي " من لا نفعته تربية والدينه .. إذا كبر بكرة تربيه الأيام ". لكن أن تصدر هذه التصرفات من كبار في العمر سواء كانوا إعلاميين أو جماهير عقب فوز المنتخب الوطني على المنتخب العراقي بهدفين نظيفين في تصفيات كأس الأمم الآسيوية وتصدره لمجموعته الحديدة بالدرجة الكاملة فحقق تسع نقاط من أصل تسع وبات على مقربة من التأهل على صدارة المجموعة الحديدية خصوصا وأنه تبقى له ثلاث مباريات، اثنتان منها على أرضنا الحبيبة وبين جماهيرنا " المخلصة "، فما أن انتهت المباراة حتى انقسمت الساحة لقسمين القسم الأول نال من كل أفراد المنتخب إداريا وفنيا وعناصريا وصوروا الأمر وكأن كارثة حلت بكرتنا لدرجة أنك تظن أن العراق هو من انتصر بنتيجة تاريخية، والقسم الآخر " سفيه " في طرحه فقد تباروا كمنافسين " بلداء " فريق يرى أن المنتخب لا يمثله لأنه لم يلعب في صفوفه لاعبون من فرقهم المفضلة، وفريق يرى أن سبب فوز المنتخب عدم مشاركة لاعبي الفريق إياه في حين أن " العقلاء " التزموا الصوت وفضلوا عدم الخوض والمشاركة، فحين تدب الفوضى وتحضر الحماقة يغيب صوت العقل ولا يسمع أبدا حتى وإن زأر صاحبه بالصوت الرفيع " يا بشر لا تذبون القناع ". الهاء الرابعة بانَتْ سُــعادُ فقَلْبِي اليــومَ مَتْبُولُ مُتَيَّـمٌ إثْرَهــا لَم يُفْـدَ مَكْبـولُ وما سعادُ غَــدَاةَ البَيْنِ إذ رَحَلُــوا إلا أَغَنُّ غَضِيـضُ الطَّرْفِ مَكْحـولُ هيفــاءُ مُقْبِلَـــةً عَجْزَاءُ مُـدْبِرَةً لا يُشْـتَكَى قِصَرٌ مِنهـا ولا طـولُ