الكرامة صفة متأصلة بالإنسان معاييرها داخلية محددة تخضع للتفاعل مع المؤثرات الخارجية فتتورم حين تتعرض للتجريح والإساءة أياً كان مصدرها لكننا في ساحتنا الرياضية غيرناها كما غيّرنا كثيراً من المسلمات وهذا الحديث للتخصيص وليس للتعميم
وقد لاحظت وعبر الإدارات الاتحادية المتعاقبة «كل سنة ريّس ينتخب ثم يطرد أو ينجو بنفسه هرباً من الطرد».. إنها أصبحت تسير على خطى متباينة ولم تتفق سوى في أمرين إثقال الفريق بالديون قبل المغادرة والحساسية المفرطة في التعامل مع كل شأن يختص بالهلال كما يحتس السليم من «جرة الحبل» وهم بهذا النهج يتنازلون عن خاصية أم المنافس التقليدي للزعيم على البطولات ويصطفون بجوار «الأصفر الصغير» في خندق مطاردة القافلة الزرقاء والعيش على ما يسقط منها من فتات الخبز وبعض القطرات المتسربة من الماء الأزرق الزلال ولأن الحديث بلا برهان من سقطات اللسان سنأتي لكم بالأدلة الدامغة التي لا ينكرها إلا من طغت على الأهواء والميول فحولت الصحيح في عينيه وفكره خاطئاً والعكس بالعكس صحيح وليس خطأً.
بعد مباراة الكلاسيكو الأولى ورغم السيل الجارف من الأخطاء التحكيمية والتي مكنت الاتحاد من الفوز وأعادت إليه الروح بعد أن كان قبل اللقاء وفي شوطه الأول قبل «الجزائية الوهم» جسد هامد في آخر مراحل الاحتضار قبل أن يتحوّل لجثة سيأتي من الاتحاديين من يلطم عليها في العلن ويقيم الأفراح والليالي الملاح في السر قبل أن يأتي الإنقاذ من صفارة جلال المونديالي الذي أنقذ المونديالي، وحين انتهى اللقاء ومع غمرة الأفراح المستحقة تعامى رئيس الاتحاد عن كل هذا وأراد أن يذبح قرباناً يعيد إليه شيئاً من تقبل الجماهير التي هددته بعضها بالقتل قبل أيام قلائل ولم يجد أفضل من الهلال صلة قربى -كحال النصراويين تماماً جلّهم وليس كلّهم، فحين تضيق عليهم الوسيعة بما رحبت يكون المخرج الوسيع بالإساءة للهلال- وهكذا فعل الرئيس الاتحادي وهو يعلم علم اليقين أن هذه الإساءة ستمر مرور الكرام ولن تستنكر.
وفي لقاء العودة غض الطرف عن كل شيء جميل حدث لفريقه في آخر عشر دقائق بعد أن بقي لثمانين دقيقة يشاهد الموج الأزرق والفن الهلالي يفعل بفريقه الأفاعيل ولم يتذكر سوى العبارات العنصرية التي صدرت من فئة قليلة من المدرجات الزرقاء وهي قد جاءت بعد أن نحر بعض لاعبي فريقه شرف المنافسة وفروسية الشجعان من الوريد للوريد، وتركوا قريناً لهم يتألم بحثاً عن هدف «غير أخلاقي» كما تجاهل جلّ الاتحاديين نفس العبارات حين تصدر من مدرجات أخرى، وكما تجاهلت الساحة برمتها كل الإساءات التي تنال من آدمية الهلاليين جماعات وأفراداً وتصل للبذاءة اللفظية وحتى بعد اللقاء نفسه خرجت فئة قليلة من الجماهير الاتحادية ووصفت بنشيد جماعي لاعب الهلال بقذف بواح.
قد يظن ظان وما أكثرهم في ساحتنا أنني أدافع أو أبرر العبارات العنصرية، وهذا مناف للحقيقة، وقد أدنتها في كل مرة وطالبت وأطالب بفرض عقوبة على قائلها، لكنني أوضح لمَ الكرامة تتجزأ ولمَ الساحة تلبس عباءة الفضيلة حين يأتي الخطأ أزرق وتصبح مثل النعامة حين يأتي نفس الخطأ من طرف آخر.
الهاء الرابعة
ما قل دل وزبدة الهرج نيشان
والهرج يكفي صامله عن كثيره
الذم ما يهفي للاجواد ميزان
والمدح ما طول ايدين قصيره