من يتابع اجتماعات اتحاد كرة القدم السعودي المنتخب، يدرك أن الأمور تدار بطريقة " حيص بيص "، فالاجتماع الأول كانت النقاشات تنتشر في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والمجتمعون على كراسيهم الوثيرة يتناقشون وفق عملية تسريب غريبة الأهداف والمضمون، لدرجة أنهم لو جعلوا الاجتماع منقولا على الهواء يشاهده ويسمعه ملايين الجماهير لكان أخف وقعا عليهم من عملية التسريب الممغنطة. في الاجتماع الأخير الذي جرى قبل أيام قليلة في مدينة جدة بعيدا عن الموقع الرئيسي كانت الأمور على حالها، فالساعات الطويلة التي قضاها المجتمعون لم تسفر عن شيء بل إنهم مارسوا في بعض الأحيان جدلا بيزنطيا أشبه بتلك المجادلات التي تتم في المجالس أو في بعض البرامج الرياضية، فكل شخص يصرّ على رأيه ومقتنع أنه على صواب، حتى الذي رشّح نفسه لإدارة لجنة الاحتراف ورغم أن الشروط والمعايير لاتنطبق عليه ولا ينطبق عليه سوى شرط الشهادة الدراسية، أما بقية الشروط فهي غير ملائمة له وليس بينه وبينها علاقة أبدا، فهي بريئة منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ومع ذلك يتجّه بعض أعضاء الاتحاد إلى إقرار طريقة " التصويت " لاختيار رؤساء اللجان فهي الطريقة الوحيدة التي من خلالها يواصلون التكتل وفرض حزبية الرأي الواحد للقبض على مفاصل الاتحاد واللجان المؤثرة، وهناك أقاويل تتردد بأن محاولة إعطاء رئاسة اللجان أسماء معينة – لاتنطبق عليها الشروط – يأتي من باب (أمسك لي واقطع لك) تقديرا وعرفانا لدورهم الكبير في انتخابات رئاسة الاتحاد الأولى من نوعها في تاريخ كرة القدم – سبق أن توقعت من خلال حسابي في تويتر بعد تمديد فترة تكليف رئاسة الاتحاد وتأجيل الانتخابات بأن ذلك تمهيدا لفوز الرئيس المكلف، وقلت سترون ذلك والأيام بيننا، وصدق توقعي بعد إفراغ صناديق الاقتراع، الغريب أن من رشح نفسه لإدارة لجنة الاحتراف قد اقترح – قبل إدارة اللجنة – بأن يتم تقليص عدد المحترفين الأجانب إلى لاعبين فقط بحجة تقليص مصروفات الأندية وحتى تعطى فرصة أكبر للاعبين سعوديين بالمشاركة دون أن يضع في الحسبان أن الأندية هي المعنية بميزانياتها، وأن هذا القرار يضعف حظوظ أندية الوطن في المشاركات الخارجية، خصوصا أن النماذج العالمية مطروحة أمامه، فإسبانيا متزعمة التصنيف العالمي منذ سنوات فتحت المجال للأندية بتسجيل عدد كبير من المحترفين الأجانب، فالريال مثلا أغلب عناصره من غير الجنسية الإسبانية وهكذا في بقية الدول المتقدمة. باختصار هذه الاجتماعات تظهر أن الاتحاد المنتخب يسير في طريق خاطئ، والإصرار على هذا المسير سيعيدنا للخلف سنوات طويلة. الهاء الرابعة وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِـهِ يَكُـنْ حَمْـدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْـدَمِ وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَـةٍ وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ