|


فهد الروقي
الجبن يا باغي القشطة
2013-02-24

مازالت " على البال " قصة طالب زميل لنا في المرحلة الثانوية حين جاء سؤال في مادة النصوص والأدب – على ما أذكر – طلب فيه تعريف الجبن فتفجرت قريحة صاحبنا وابحر في تعريف شامل على أنها مادة مشتقة من الحليب بعد تسخينه ثم بدأ في شروحات مفصلة عن أنواعه والأنواع هنا جاءت وفق " الماركات العالمية " وبحسب الشركات المصنعة حتى وصل لنهاية الجواب وأشار إلى أن أجمل أنواع الجبن على الإطلاق " الجبن المحلي " هذه القصة لا تغيب عن بالي أبدا كلما " رنّ " في الذاكرة أو تم التطرق للجبن وهو الصفة السلوكية المضادة للشجاعة والمعاكسة لها وهي التي قد تكون فطرية في الإنسان منذ ولادته وقد تكون مكتسبة فرضت على المرء نتيجة ظروف معينة أو من خلال تكوين بيئي ولعل أجمل ما قيل فيه وتحفظه الذاكرة كلمة المناضل الهندي الشهير مهاتما غاندي : " كل الصفات ممكن أن تنقلب إلى أضدادها إلا الجبان لا يمكن أن يكون شجاعا " وهذه كلمة حق رسخت لصدقها ولمطابقتها للواقع المعاش منذ فجر التاريخ وفي مختلف شعوب الأرض البائدة والحاضرة التي عرفنا عنها والتي لم نعرف فالكريم قد يعتريه حب المال لوهلة فيبخل والبخيل قد يتهوّر يوما فيعطي وهكذا دواليك إلا الجبان فهذا الشخص لا يستطيع أن يكون شجاعا والشجاعة لم تعد مقتصرة على ضرب القنا ومقارعة الخطوب والإقدام على خوض المنية حين يلتقي الفرسان بالفرسان خوفا من سمة عار تلازم لو لم يقدم ولكنها تشعبت تشبع مجالات الحياة ومناحيها فأصبحت تعني بشجاعة قول الحق وأعلاها النطق بكلمة الحق عند من لا يؤمن مكره ولا يحمل حكمة وروية يحتمى بها حتى لا توقعه في مهالك الردى وحين يكون الرجل جبانا فإنه لا يستطيع المواجهة فيختفي خلف الكواليس وبجبنه تتأثر سلبا كل الجهات المحيطة به فيضيع أولاده إن كان أبا وتخسر تجارته إن كان تاجرا وتتسيب دائرته إن كان مديرا فيعمد إلى الأساليب الملتوية والحيل لعل وعسى أن تسير الأمور ولو بـ " الدف " لكن هذه الألاعيب لن تستمر طويلا فسينكشف في يوم من الأيام وسيجد نفسه قد ضم بين جوانحه مع الجبن خوفا وضعفا في الجسد والهمة والشخصية والرأي الهاء الرابعة يَـرَى الجُبَنَـاءُ أَنَّ العَجْـزَ فَـخْـرٌ وَتِـلْكَ خَـدِيعَـةُ الطَّبْـعِ اللَّئِيـمِ وَكُـلُّ شَجَـاعَةٍ فِي المَـرْءِ تُغْنِـي ولا مِثْـلَ الشَّـجَاعَةِ فِي الحَكِـيمِ