قال لي أحد المدربين الكبار شخصياً: لقد أشرفت على فريق سعودي وخلال فترة الاستعداد في المعسكر الصيفي كنت سعيدا جدا بانضباطية اللاعبين من ناحية تناول الغذاء الصحي والنوم المبكر وعدم السهر وبعد الأسبوع الثاني من المعسكر كانت أجسادهم قوية ومعدلات ضغط الدم وسريانه في أجزاء الجسم وبالذات العضلات رائعا، ورئتا كل لاعب صحية ونظيفة وتوقعت أن ذلك هو وضعهم العام أسوة بكل لاعبي الفرق التي دربتها في بلدان مختلفة وفي بلدي الأصلي. وبعد العودة للسعودية واستقرارنا في المدينة التي يقع بها النادي قررت في أول أسبوع أن أقوم بتمرين صباحي فأخبرت اللاعبين والإدارة وكان الوقت صيفاً والشمس حارقة والرطوبة عالية فأشفقت على حالهم وحوّلت التدريب للصالة الداخلية المكيّفة وبعد مرور أقل من ساعة من التمرين وحين سخنت الأجساد وخرج العرق بغزارة فاحت رائحتها وفاحت معها رائحة " الشراب النفاثة " وهي رائحة أعرفها جيّدا فأيقنت لحظتها أن جلّ اللاعبين قد حضروا للتمرين ولم يداعب أجفانهم النوم فتعجبت كيف يحضرون دون نوم ألا يعرفون أنهم يهلكون أجسادهم ويعرضوها للتلف والإصابات؟ أليس لديهم شيء من التفكير والحكمة؟ كيف يسعون لهدر موهبتهم بدلا من تنميتها وتطويرها فعمرهم في الملاعب قصير وهذه الموهبة هي من تكفل لهم حياة كريمة؟ ويضيف المدرب بحرقة وبطريقة فكاهية فـ(شر البلية ما يضحك) أوقفت التمرين وطلبت منهم أن يحضروا في المساء لإجراء التدريبات التكتيكية وقد رأيت أعينهم تكاد يخرج منها شرر الغضب فتجاهلت الأمر وكأن الأمر طبيعي وحين عدت لمنزلي جلست أفكر في الأمر وعلمت أنني بين خيارين الأول محاولة تصحيح الوضع بفرض التدريبات على فترتين تارة وتارة حتى يتعدّل السلوك بعد أن أشرف على تغذيتهم بنفسي أيضا وهذا العملية تتطلب هبوطاً في المستويات وخلافات داخلية وسوء في النتائج حتى تتحقق الأهداف ولأنني في دوريكم عدلت عن هذا التفكير فالكل سيقف ضدي حتى إدارة النادي لن تتحمّل ذلك وسيكون الحل في إقالتي فعمدت للحل الآخر أن أواصل وكأن شيئا لم يكن حينها اتصلت على المشرف على الفريق إداريا وقلت له أبلغ اللاعبين بأننا ألغينا تمرين المساء. هذه القصة تحدث في أغلب الأندية بنسب متفاوتة، وواجبنا جميعا الوقوف يدا واحدة محاربة للوضع الراهن وتصحيحا والمؤلم حقاً أن جلّ الساحة سيقرأ الهاءات وسيذهب تفكيره للبحث عن الفضيحة من هو المدرب؟ حتى يعرف النادي؟ ليتم التهكم به وبلاعبيه بدلا من التفكير الإيجابي بدراسة الحالة ومحاولة التصدّي لها قبل أن تستفحل فيصعب علاجها، فنحن أمة لا تتحرك إلا بعد وقوع الكوارث واسألوا رهام الحكمي (شفاها الله) وحتى لا أتعب رغبتكم في البحث اعتبروا القصة من بنات أفكاري وليست صحيحة. الهاء الرابعة ۆجهت شكري للزمان وتعلمت أن المصايب بالزمن مو غريبة يعني لو أنك ساكت و ما تكلمت في ذمتي يلحق سكوتك مصيبة