قادني نقاش مع بعض الأصدقاء حول السلوك العدواني من الجماهير المحلية حين المساس بأنديتها المفضلة وعدم تقبّل الرأي الآخر والنظر للأندية المفضلة على أنها "مدن فاضلة" لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها وكنت أرد هذا الأمر إلى أن الجماهير تتجاوز علاقتها التشجيع وتصل لمرحلة الانتماء، ولهذا تكون ردّة الفعل العنيفة حاضرة ولكن بعض الردود من الأصدقاء رأت أن هذا الأمر نفسي وأن كثيراً من جماهيرنا مصابة بالسلوك العدواني الذي ينعكس على تصرفاتها حتى خارج المنظومة الرياضية واستشهدوا، بما يحدث في المدارس والطرقات والأماكن العامة وآخر الشواهد عمليات التخريب التي صاحبت الاحتفال باليوم الوطني. حينها قررت أن أقوم بتجربة بسيطة ومن خلال صفحتي على "تويتر" قمت بشنّ حملة على فريق "برشلونة" مستغلاً حادثة "شاليط" واللغط الذي صاحبه على اعتبار أن الفريق الكتالوني يحظى بكثافة جماهيرية محلية وأغلب مشجعيه من صغار السنّ نظراً لأن تميّزه الاستثنائي جاء من سنوات قريبة، وأردت أن استشف ردود الأفعال، فإن كانت مبنية على حوار هادئ ومحاولة توضيح الأمر بطريقة النقاش الحضاري واستجلاب البراهين ودعمها بالحجج المنطقية فإن الجماهير واعية وغير ميالة للسلوك العدواني، وإن كان العكس كما يحدث مع الأندية المحلية، فإن الأمر يتجاوز مسألة الانتماء والولاء، وإن هناك معضلة خطيرة تتشكل من خلال الميل العام للتعبير عن الذات بالسلوك العدواني حتى وإن كان لفظياً، وهذه الجزئية يرى علماء النفس أنها تختص بالفتيات أكثر، في حين أن الشاب يميل للسلوك العدواني المبني على الفعل الموسوم بالإيذاء الجسدي. ولإيضاح الصورة أكثر كثفت من التغريدات حول برشلونة ومحاولة إدانته فجاءت الردود المحملة بكل أنواع العدوان لدرجة أن هناك من شكك في عقيدتي وفي عقليتي هذا عدا السب والشتم المتواصل، فأيقنت حينها أننا أمام ظاهرة ستصبح خطيرة لو أهملت ولتبدأ خطوات العلاج من البيت ثم المدرسة فعادة يظهر هذا السلوك حسب الدراسات النفسية من البيوت التي يكون الوالدان فيها ممن يمارسون العنف حتى في النقاشات، وحتى لا تصبح ظاهرة مرضية يلزم الجلوس مع هؤلاء المراهقين والمناقشة بالحسنى وتعليمهم أدب الحوار وكيفية تقبل الرأي والرأي الآخر، بل إن أجمل علاج وأفضله تعليمهم القرآن، وهو كفيل بتعليمهم كل المحاسن ونبذ المساوئ عنهم فالله عزّ وجل يقول في محكم التنزيل "ألا بذكر الله تطمئن النفوس". الهاء الرابعة النفس تبكي على الدنيا وقد علمت إن السعادة فيها ترك ما فيها لا دارٌ للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها