يحكى أنه كان هناك صاحبان يمشيان في الصحراء وفي أثناء سيرهما، اختصما فصفع أحدهما الآخر، فتألم الصاحب لصفعة صاحبه، فسكت ولم يتكلم، بل كتب على الرمل (اليوم أعز أصحابي صفعني على وجهي) وواصلا المسير ووجدا واحة.. ولكن الذي انصفع وتألم من صاحبه غرق أثناء السباحة في الواحة فأنقذه صاحبه الذي صفعه، ولما أفاق من الغرق ابتسم ثم قام ونحت على الصخر (اليوم أعز أصحابي أنقذ حياتي) فسأله صاحبه: عندما صفعتك كتبت على الرمل، لكن عندما أنقذت حياتك من الغرق نحت على الصخر، فابتسم وأجابه: "عندما يجرحنا من نحب علينا أن نكتب ما حدث على الرمل لتمسحها رياح التسامح والغفران.. ولكن عندما يعمل الحبيب شيئاً رائعاً علينا أن ننحته على الصخر حتى يبقى في ذاكرة القلب". أعلم أن تفاصيل القصّة بحذافيرها من الصعوبة تطبيقها على أرض الواقع، لكنّ الغرض منها موجود بين السطور، والغريب أن تطبيق الهدف أيضاً صعب لأننا نعمل العكس تماماً فمع أول خطأ تنقلب أمورنا رأساً على عقب.. فالحبيب يتحوّل لعدو، وحين تساهم في مساعدة شخص ما سنوات طويلة تبذل فيها الغالي والنفيس لأجله تضيع من أول طلب مساعدة لا تستطيع تنفيذه، فيصبح الأمر كأنك لم تعمل ولم يقل هذا على الصعيد العام، وما يحدث في الوسط الرياضي، فاللاعب حين يبدع طوال المباراة ويخطئ في ثوانٍ معدودة يهمل وقت إبداعه ويتم التركيز على الفترة الوجيزة، والإداري حين يضحي بوقته ووقت أسرته وبجهده وماله ويعمل بكل نجاعة ثم يخالفه التوفيق في قرار ينسى كل ذلك ويحاسب على ذلك الخطأ.. والكاتب حين يستمر في مقالات عديدة وهو يمارس النقد البناء ويسعى للتصحيح ثم تخونه المعلومة أو الوضع أو الأحرف لنصف سطر فقط تنقلب الأمور وتترك كل حسناته ولا تبقى له إلا تلك الزلة، وهذه معايير الحكم لدينا.. وإن أردنا السير في طريق منصف فما علينا سوى كتابة الأخطاء على الرمال لتذروها الرياح إلى غير رجعة ومن بعدها نحت الأعمال الصحيحة على صخرة الفؤاد فإنها هي الباقية حتى لا نتحوّل كلنا إلى "فئة سيئة". الهاء الرابعة دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان فاغنم لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان