تجمعنا من كل حدب وصوب أو بمعنى أصح بعضنا حضر بإرادته والبعض الآخر (مكره أخاك لا بطل) ونحن نحمل في دواخلنا أهدافا خاصة منا من هدفه «أنا وما بعدي الطوفان «ومنا من قدم الجماعة على الفرد ويحمل مضمونا مختصرا عنوانه «هات في سيرتي واطعن»
كان الوقت ليلا والظلام دامسا بالكاد نرى ما تحت مواطئ أقدامنا والأجواء متقلبة ما بين البارد القارس تارة والدافئ الرطب تارة أخرى وفي الجانب الآخر هناك «زمرة» تنعم بما لذ وطاب ضوء وأجواء صحية وملابس فاخرة
طلب منا المكوث في العراء حتى تجهز الرحلة وتبدأ انطلاقتها فاختلفت ردود أفعالنا فمنا من وقف صامدا أمام عوامل التعرية ومنا من حاول الاقتراب من « الزمرة الفاخرة « لعله يحظى بشيء من الخصوصية والترفيه وقد استخدموا في سبيل الحصول على ذلك وسائل وطرق مراوغة بعضها بدائي انكشف زيفه في لحظات فعنف صاحبه وطرد وعاد إلينا المجموعة الصامدة مطأطأ الرأس يجر أذيال الخيبة مع أن بعضهم « شين وقوي عين « عاد يزمجر ويزبد ويرعد وكأنه لم يفعل شيئا ومنهم من استطاع بحيلته أن يصل لو مؤقتا حيث ما تشتهي النفس الطماعة وهو ينكر جملة وتفصيلا « من عاش بالحيلة مات بالفقر «
بعد منتصف الليل أصبح الطقس باردا جدا وبدأ المطر في النزول تسوقه ريح عاتية صوتها يرعب الأسماع ويوجل القلوب ونحن ما زلنا متسمرين في أماكننا وأحدنا يتمتم بصوت خافت
« الأماكن لم تعد مشتاقة لك « ولا نستطيع أن نزيح ما علق على جباهنا من رمل خفيف ثبتته قطرات الماء المنهمرة ولم تعصف به الريح والتراب ينزل تدريجيا نحو أعيننا وكم كانت سعادتي غامرة وأنا أشاهد الرفاق صامدين وصامتين رغم أن الوضع العام لا يبشر بانطلاق ولا صبح قريب وأبصارنا ربما تختلط مدامعها بالطين اللازب فنفقد الإبصار قبل انطلاق رحلة العمر
قبيل الفجر قام السامرون من على الأرائك والمقاعد الأثيرة تصدر أزيزا مزعجا جراء قيام الأعجاز الثقيلة وتوجهوا نحو السيارات الفارهة وقد طلب منا الركوب في عربات نقل مكشوفة وقديمة وقد قدت الرفاق للتقدم وأنا أصدح بصوت عال وأردد أبياتا شهيرة فرددوها معي في الهاء الرابعة لو سمحتم أو توجهوا نحو « الفئة الفالة «
الهاء الرابعة
وليل كموج البحر أرخى سدوله
علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه
وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا أنجلي
بصبح وما الإصباح منك بأمثل
كان الوقت ليلا والظلام دامسا بالكاد نرى ما تحت مواطئ أقدامنا والأجواء متقلبة ما بين البارد القارس تارة والدافئ الرطب تارة أخرى وفي الجانب الآخر هناك «زمرة» تنعم بما لذ وطاب ضوء وأجواء صحية وملابس فاخرة
طلب منا المكوث في العراء حتى تجهز الرحلة وتبدأ انطلاقتها فاختلفت ردود أفعالنا فمنا من وقف صامدا أمام عوامل التعرية ومنا من حاول الاقتراب من « الزمرة الفاخرة « لعله يحظى بشيء من الخصوصية والترفيه وقد استخدموا في سبيل الحصول على ذلك وسائل وطرق مراوغة بعضها بدائي انكشف زيفه في لحظات فعنف صاحبه وطرد وعاد إلينا المجموعة الصامدة مطأطأ الرأس يجر أذيال الخيبة مع أن بعضهم « شين وقوي عين « عاد يزمجر ويزبد ويرعد وكأنه لم يفعل شيئا ومنهم من استطاع بحيلته أن يصل لو مؤقتا حيث ما تشتهي النفس الطماعة وهو ينكر جملة وتفصيلا « من عاش بالحيلة مات بالفقر «
بعد منتصف الليل أصبح الطقس باردا جدا وبدأ المطر في النزول تسوقه ريح عاتية صوتها يرعب الأسماع ويوجل القلوب ونحن ما زلنا متسمرين في أماكننا وأحدنا يتمتم بصوت خافت
« الأماكن لم تعد مشتاقة لك « ولا نستطيع أن نزيح ما علق على جباهنا من رمل خفيف ثبتته قطرات الماء المنهمرة ولم تعصف به الريح والتراب ينزل تدريجيا نحو أعيننا وكم كانت سعادتي غامرة وأنا أشاهد الرفاق صامدين وصامتين رغم أن الوضع العام لا يبشر بانطلاق ولا صبح قريب وأبصارنا ربما تختلط مدامعها بالطين اللازب فنفقد الإبصار قبل انطلاق رحلة العمر
قبيل الفجر قام السامرون من على الأرائك والمقاعد الأثيرة تصدر أزيزا مزعجا جراء قيام الأعجاز الثقيلة وتوجهوا نحو السيارات الفارهة وقد طلب منا الركوب في عربات نقل مكشوفة وقديمة وقد قدت الرفاق للتقدم وأنا أصدح بصوت عال وأردد أبياتا شهيرة فرددوها معي في الهاء الرابعة لو سمحتم أو توجهوا نحو « الفئة الفالة «
الهاء الرابعة
وليل كموج البحر أرخى سدوله
علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه
وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا أنجلي
بصبح وما الإصباح منك بأمثل