|


فهد الروقي
أنا عندي كتاب
2010-08-23
كنا مجموعة من الأصدقاء مختلفي المشارب والأمزجة.. ولكن تجمعنا صفات مشتركة وعلاقة محبة متبادلة.. نجد سلوتنا بعد يوم عمل شاق في الذهاب إلى الشاطئ الرملي، والسعيد من يحضر أولا بعد صلاة الأخير وأحيانا يؤديها على وقع خرير الماء ثم يستلقي ويبث نجواه للنجوم الساطعة قبل أن يحضر الرفاق، وإن تجمعوا بدأت أحاديث السمر التي تتناول كل شيء، وكان بيننا (اثنان) بينهما ما يشبه داحس والغبراء.. أولهما (مهايطي) يحب أن يستعرض ثقافته بشكل مقزز وبين كل مفردة فصيحة وشقيقتها مفردة أخرى أجنبية من نوعية (سكيجول أونثق بيرسونال)، والآخر (متذمر) لايترك شاردة ولا واردة للأول إلا انتقدها.. حتى وصلنا لمرحلة سأم مما وصلا إليه، فقصدني بعض الرفاق وطلبوا مني أن أجد حلا لهما يضمن أن تعاد (سمراتنا) إلى ماكانت عليه قبلا.
توجهت لبيت المتذمر بعد أن هاتفته وأخبرته بوصولي وبسبب الزيارة المفاجئة، وحين وصلت وجدته واقفا على الرصيف المحاذي لجدار بيتهم العامر وفي يده كتاب مده لي قبل أن أنزل من السيارة، وقال: أذهب وأقرأه وستعرف حينها كل شيء، توجهت بعدها لمنزلي ودخلت في عزلة عن الناس وبدأت التهم بنهم صفحات كتابه المعنون له ب (المدارس الفلسفية)، وقبل أن اتنصفه بدأت الصورة تتضح كما تتضح كروية الأرض من صواري السفن ومع ذلك استمررت في القراءة للنهاية.. وحين ختمته وجدت أن صاحبنا (المهايطي) لا يعرف من الثقافة إلا مصطلحات يحفظها من هذا الكاتب الشامل لغرائب المدارس الفلسفية من (كونفشيوس حتى سارتر)، وأنه كان بمثابة (متصنع كبير)، وأن المتذمر أراد أن يكشفه لنا ليتوقف عن تبجحه المستمر ولكننا كنا نريد أن نركن للسلم.
عدت بعدها لصاحبه وأفهمته بأنني عرفت كل شيء، ثم ذهبنا لإحدى المكتبات الفخمة واشترينا نسخا من الكتاب إياه بعدد الرفاق، وطلبنا منهم أن يذاكروه جيدا لأنه سيكون محور سمرتنا المقبلة، وفي الموعد المحدد حضر الجميع بمن فيهم طرفا النزاع، وبدأنا وفق خطة محكمة تناول المصطلحات بشيء من الشرح وذاك فاغر فاه يستمع وقد استوعب الدرس ولم يعد لديه (قوة شرائية) يتمكن بها من تجاوز الموقف المحرج الذي وضع نفسه فيه.. بل إنه تمنى أن يعود طفلا يلعب مع(الأطفال) ولا يتعرض لمثل ذلك الموقف.
ملاحظة: هناك جائزة لمن يستطيع فك شفرات كتاب المدارس الفلسفية.

الهاء الرابعة
صاف الكرام فخير من صافيته
من كان ذا أدب وكان ظريفا
واحذر مؤاخاة اللئيم فإنه
يبدي القبيح وينكر المعروفا
إن الكريم وإن تضعضع حاله
فالخلق منه لايزال شريفا
والناس مثل دراهم قلبتها
فاصبت منها فضة وزيوفا