|


فهد الروقي
ليالي الأنس في لندن (1)
2010-05-15
 لن أنجرف خلف ما اعتاد عليه بعض كتابنا حين يعود من رحلة في بلاد الفرنجة (متعوب عليها مفردة الفرنجة) فهو وبمجرد أن تطأ قدمه أرض مطارهم ينبهر بكل شيء ويصور بلادهم على أنها ( كاملة المواصفات) لا يعتريها نقص ولا خلل في حين يصور مدننا وكأنها (حاويات للنفايات) في منهجية بالية تعتمد على التوجيه المباشر وهو أضعف أنواع التوجيه ويستخدم عادة في (أفلام الكرتون) لأنه يتناسب مع القدرات العقلية للطفل.
المصيبة أنهم تعودوا على سرد قصة متشابهة في فصولها وأبطالها وأحداثها وقبل أن يصل للحبكة الفنية يترك النهاية مفتوحة كما في أفلام السبعينات الميلادية فهو يذهب لحديقة أو لمحطة قطار ويجلس على أحد الكراسي ثم يتفاجأ بفتاة شقراء فتنة في الجمال تمشي الهوينى نحوه ثم تجلس باستحياء بجواره وتسأله هل هو عربي؟ وحين يكون الجواب بالإيجاب تتخلى عن لغتها الأم وتبدأ الحديث معه بعربية (مكسرة) وشيئا فشيئا تبدأ في سرد فاجعتها فهي من أصول عربية (لا أعلم من أين جاء اللون الأشقر) وأنها تتألم على حال أمة الضاد وأن قلبها الضعيف يكاد يتوقف حين رأته (إشارة غير سوية بأنها هامت به عشقاً وكأن شباب أوروبا لم يوجد فيهم وسيم ملك شغاف قلبها وأن صاحبنا وهو أحيانا بلغ من الكبر عتيا هو آسر قلوب العذارى) وهلم جرا تبدأ القصة وتنتهي ببطولات وهمية خاتمتها دموع زجاجية من عينين زرقاوتين لا يوضح هل هي على حال الأمة أو على فراق الآسر الكهل.
كل هذه (الهرطقات) لم أشاهدها ولم أتعايش معها فلقد وصلنا إلى مطار (هيثرو) ونحن سداسي العدد فمع (كباتنة الهلال الثلاثة الثنيان والأحمد وأبو اثنين) كان شعلة النشاط وليد الحكير والزميل العزيز سلطان المهوس بصراحة المطار – الأكبر عالمياً – لم يبهرني ولم تبهرني معه لندن عمرانياً واللحظة الأولى كانت السعادة مصدرها الوطن فالأحبة هناك ملأوا الجوالات بالرسائل والاتصالات خوفاً وهلعاً علينا فالرحلة وصلت ساعاتها لأكثر من سبع ساعات متجاوزة الوقت المنطقي للوصول.
بعد الانتهاء من تسجيل إجراءات الدخول استقبلنا فريق العلاقات العامة للشركة العالمية المنظمة لاحتفال نادي القرن ومن المطار للفندق كانت الابتسامات تعطر الأجواء في حين كان صاحبكم يفكر في أمر سعيد أحدثكم عنه غداً بإذن الله.
 
الهاء الرابعة
 وأذكر أيام الحمى ثم أنثني
على كبدي من خشية أن تصدعا
فليست عشيات الحمى برواجعٍ
عليك ولكن خلِّ عينيك تدمعا
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها
عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا