|


فهد الروقي
مثلثات الشنيف
2010-03-12
التحليل الرياضي منطقة وسطى بين فهم كرة القدم وممارستها أو بعبارة أدق هي محطة مستقلة بين المدرب واللاعب ولا يشترط له وجود الاثنين أو أحدهما
وللإنصاف أكثر هو علم مستقل بذاته ومرتبط بعلوم الكرة ومهاراتها يشبه علم (النقد الأدبي) في خطوطه العريضة فليس من المطلوب أن يكون الناقد شاعرا ولكنه أعلم الناس بالشعر بل أعلم من الشاعر نفسه ومن خلال النقد تعرف جماليات النصوص ومواطن الإبداع فيها وتتوصل الذائقة النقية لتنقية النص من المثالب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
عشاق الكرة كمتذوقي الشعر يهيمون بها ويتابعون أدق تفاصيلها ويتناقلون أحداثها كما أن ذاكرتهم تختزن المئات من اللمحات الفنية الراقية وهنا الفرق بين ذائقة راقية وأخرى سطحية والأخيرة تحفظ (مصطلحات كوبري ومشتقاته) في حين أن سابقتها يستهويها ما يوضحه المحلل الكبير علما وموهبة خالد الشنيف
هذا الشاب يمثل حكاية ثلاثية الأبعاد فهو ممارس جيّد للكرة ومحلل مبدع لها ويجمع وهنا مربط الفرس بين علم التحليل وموهبة الذائقة ويأتي بمخرجاته بأسلوب شيق سلس يشبه أداء أبناء السامبا وطريقتهم السالبة للألباب والمسماة مجازا بالسهل الممتنع
إنه نموذج مثالي للمحلل الرياضي السعودي والذي بنى نواة حقيقية للتحليل وأسس له بطريقة حية وسليمة فحين كانت الإمكانات بسيطة أقنع برؤاه الصائبة وتعليقاته الإيجابية ووصفه الدقيق بل إنه زاد على ذلك في كثير من الأحيان بتوقعات يصح غالبها
والآن بدأت تظهر ملامح عبقريته ونهجه الاحترافي حين وجد التقنية الحديثة والآلات التي تساعده على إيصال فكرته مشروحة وافية ولقد أبهرني قبل لقاء الهلال ومس كرمان حين فند أسباب تفوق الأول وأنه لا يضاهيه في أسلوبه أحد ودعم تفنيده بشرح تقني مفصل أظهر أسلوب (المثلثات الأمامية التي ينفذها لاعبو الأزرق بطريقة غاية في الإتقان وحين مرت الدقيقة الرابعة كان المثلث الأول بين نيفيز وويلي وياسر ثم تكرر مثلث آخر بين الفريدي وياسر ونيفيز وبطريقة متشابهة مختلفة
حينها عرفت حجم موهبته ومدى تفانيه في عمله وقد أبان لنا جميعا أن الموهبة الحقيقية لا تأتي بالتطبيل والتلميع أو من خلال واسطة تفرضه على القنوات أو أن حضوره من أجل شهرته السابقة في ركل الكرة أما فهمها والتعبير عنها فإنه في واد وذاك في واد
وإن كان للتحليل نجم فإنه (خالد) والخوف كل الخوف ألا نجم معه أو ينافسه في انتظار أن تفسح المساحات لمن يجيدون فهم الكرة وألا يفرض على ذائقتنا أحد فلقد أصبحنا نميز بين جيّد البضاعة ورديئها
 
العارضة الثالثة
 ما أضيع الصبر في جُرحٍ أداريهِ
أريد أَنْسَى الذي لا شيء ينسيهِ
وما مجانبتي من عاش في بصري
فأينما التفتتْ عيني تلاقيهِ!