|




فهد القحيز
العرب والإنجازات الأولمبية
2012-07-30

ـ قبل يومين انطلقت الألعاب الأولمبية 2012 في عاصمة الضباب (لندن) بمشاركة حوالي (11500) لاعب ولاعبة من (204) دولة من دول العالم.. وبحضور زعماء أكثر من مئة دولة.. كدليل على أهمية هذا الحدث الرياضي الكبير... كيف لا؟ والألعاب الأولمبية تعتبر أشهر وأهم الدورات الرياضية على المستوى العالمي... ويكفي أن حفل الافتتاح “لجزر العجائب “ في الملعب الأولمبي في لندن كان أمام أكثر من 80 ألف متفرِّج وبمتابعة أكثر من مليار مشاهد خلف شاشات التلفاز. ـ فشعوب العالم تهتم وتتابع الألعاب الأولمبية بل وتنظر لها وكأنها صورة تعكس التطور والتقدم الحضاري للإنسان.. ولعل ما فعله الصينيون في بكين (2008م) من جهد مخطط لإظهار ما وصل إليه الإنسان الصيني من تقدم تعكسه مقدرته عن طريق تفوقه الرياضي دليل وشاهد يبرز شعار وفلسفة الألعاب الأولمبية المرتكزة في منافساتها على الأقوى والأعلى والأسرع. ـ وانطلاقا من هذه الفلسفة... فإن الدول العظمى تنظر إلى الإنجاز الأولمبي وكانه انتصار سياسي.. فأصبحت معظم البدان تبذل الأموال الباهظة في سبيل صناعة وإعداد البطل الأولمبي. ـ والمؤسف.. أن سجل الرياضيين العرب في تاريخ الدورات الأولمبية متواضع.. فمنذ الدورة الأولى في أمستردام 1928 لم يحصلوا إلا على 82 ميدالية وهي (21 ذهبية و21 فضية و40 برونزية).. ولو قارنا حصيلتهم هذه طوال تاريخ الدورة مع ما حققته الصين في الدورة الأخيرة فقط.. نجد أن حصيلة العرب لم تصل لعدد الميداليات التي حققتها الصينيون... حيث حصدت الصين على أرضها وبين جمهورها 51 ميدالية ذهبية, و21 فضية و28 برونزية. ـ عموما إذا كان العرب قد حققوا في دورة بكين السابقة 7 ميداليات وهي (ذهبية واحدة، وثلاث فضيات، ومثلها برونزيات) متراجعين بذلك عن إنجازهم في دورة أثينا عام 2004 حيث حصلوا على 10 ميداليات... فيا ترى ماذا سيحقق لاعبينا العرب والذي يبلغ عددهم نحو 500 رياضي عربي ما بين لاعب ولاعبة في الدورة الحالية وسط منافسة شرسة من باقي المشاركين. ـ حقيقة تدني نتائج العرب في الألعاب الأولمبية.. يعود إلى أن معظم الدول العربية لا يوجد فيها تخطيط دقيق وطويل لإعداد البطل الأولمبي... والسبب هو غياب الفكر الأولمبي والفلسفة الحديثة لإعداد الأبطال الأولمبيين.. لاسيما وأن صناعة الإنسان البطل القادر على الفوز بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية ليس بالأمر السهل... فالتعامل هنا مع إنسان تحكمه العواطف والميول والرغبات وتؤثر فيها الضغوطات الأسرية والاجتماعية ومشاكل العمل وظروف الحياة الصعبة بالإضافة إلى سوء أجواء المناخ والطقس في معظم الأقطار العربية... لذلك نحتاج في وطننا العربي إلى إعطاء مسئولية التخطيط في اللجان الأولمبية إلى الكوادر المؤهلة المتخصصة في علوم الرياضة.. بدلا من بعض الكوادر الحالية والتي لا تعرف في الرياضة إلا بعض المعلومات العامة. ـ فالفكر الأولمبي الحديث أحدث تحولا في الألعاب الأولمبية.. حيث ساهم في تحول الرياضة من الهواية إلى الاحتراف.. فهذا التحول.. حقيقة..هو السبب الرئيسي الذي أدى التطور الملحوظ الذي نشاهده حاليا في نتائج الدورات الأولمبية وما يحطم فيها من أرقام قياسية... كأحد نتائج البحوث والدراسات والمؤتمرات الدولية التي تقدم خلاصة ما توصل إليه الفكر العلمي في كيفية صناعة البطل الأولمبي واستثمار الدورة الأولمبية في تطوير الأداء الرياضي بشكل عام. ـ لذلك فإن الأمر الهام الذي يحتاج إلى الدراسة من قبل اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية.. هو تحديد الأساليب والطرق الحديثة وكيفية جلب الاستثمار لصناعة البطل الأولمبي العربي.. بالإضافة إلى عمل البحوث والدراسات في مجال إعداد وتأهيل الرياضيين الأبطال العرب.. ولعل أولى الخطوات نحو تحقيق الرياضيين العرب للإنجازات الأولمبية..هي معرفة الرياضات والألعاب التي يمكن أن يتوفق فيها الرياضيون العرب أولمبياً؟ فمن خلال الدورات الأولمبية السابقة نجد أن أغلب الميداليات التي فاز بها الرياضيون العرب.. كانت في الألعاب الفردية وخاصة ألعاب القوى ورفع الأثقال والملاكمة والمصارعة... حتى يتم التركيز على هذه الألعاب وبذلك يحصد العرب أكبر عدد من الميداليات.