|


فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود
لا للتشاؤم.. لا للخوف.. لا للإحباط
2012-08-04

هل هذه الصورة التي رسمناها لأنفسنا..؟ هل هذا هو الطريق الذي اخترناه لمسيرتنا..؟ هل هذا هو المستوى الذي نتمناه لمستقبلنا..؟.. لقد كتبت.. وقرأت.. واستمعت إلى الكثير.. وللكثير.. وها أنا أعود لأتذكر بعض ما كتبت في الماضي وخصوصاً ما يتعلق بما نشاهده هذه الأيام والليالي.. في هذا الشهر الفضيل.. وأتحدث هنا عن “الأسرع.. الأقوى.. والأعلى”. الأولمبياد هي الساحة التي يجتمع فيها شباب العالم لينافس.. ويثبت.. ويرفع مكانة أمته.. وجدارتها.. وقدرتها على البناء والاستثمار في الأساس في شباب الأمة. وهنا أستعيد سؤالاً أجبته في الماضي لو كان هناك شيء تمنيته في حياتي الرياضية، لكان مجرد المشاركة في الأولمبياد كممثل لبلدي وتحت رايتها، محاولاً أن أثبت وأرتقي وأحقق مكانة وطني وأمتي كالأسرع أو الأقوى أو الأعلى في هذا المحفل الشبابي الراقي. القمة هي المكان الذي يتمنى كل رياضي أن يحتله وهو ما تتمنى كل دولة أن يتربع رياضيوها على مناصّ التتويج ذهباً أو فضةً أو برونزيةً، وهذا حق لكل رياضي أن ينشده إذا أعطاه المولى الموهبة ووجد الدعم والتخطيط والتدريب لكي يصل إلى المستوى المؤهل للألعاب الأولمبية. من السهل أن نتحدث ونكتب ولكن الأصعب هو أن نُفعِّل تلك الطاقات ونؤهلها.. لقد عايشت مع زملاء أعطوا وضحوا وحققوا ما يفتخر به الوطن والمواطن، وكانت البداية مع تكوين الاتحاد السعودي لألعاب الفروسية، حيث بدأنا بداية متواضعة ولكن بآمال كبيرة، فبدأنا باكتشاف المواهب وباستقطاب متخصصين لاختيارها، ثم وضع خطة وهدف لتدريبهم وتطوير قدراتهم لإشراكهم في برامج تنافسية في مجال رياضتهم على أعلى مستوى يلائم قدراتهم وإمكاناتهم. البداية بمعسكر في أمريكا لمسنا فيه المؤشرات الإيجابية وبدأ التخطيط الجاد بعد سنتين، وبعد حضورنا كمراقبين في أولمبياد برشلونة بإسبانيا عام 92م، وضعنا خطة لعشر سنوات يمكن بعدها تحقيق ميدالية بمشيئة الله، وكانت جاهزية فرساننا وأفراسنا في ذلك الوقت في مستوى لا بأس به، وهنا يجب أن أوضح أن الفروسية من أصعب الرياضات لتكاليفها العالية ولأنها الرياضة التي تشارك فيها روحان (فرس وفارس)، ويجب أن يكون هناك تناغم وجاهزية لتحقيق المحصلة من هذه المعادلة.. فبعد تأكدنا من الأساس وهم الفرسان وضع خبراء متخصصون الخطط المناسبة بعد التعرف على قدراتهم لتحقيق الهدف الأعلى وهو المشاركات العالمية التي بدأت من العربية والآسيوية إلى الأولمبية، وكانت مشاركتنا في أولمبياد أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 96م، حيث تمكنا بفضل الله وتوفيقه أن نحقق مراكز متقدمة للفارسين خالد العيد، ورمزي الدهامي، على خيول مستعارة (مستأجرة) فلم تكن لدينا الإمكانات المادية لشراء خيول على المستوى الأولمبي، ولكن شبابنا أثبت أنه قادر بهذه النتائج، وأكثر من ذلك أثبتت قيادتنا الرشيدة إيمانها بأبنائها فكان الدعم من خادم الحرمين الشريفين بشراء الخيل وكذلك من الرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجنة الأولمبية. فبدأت المسيرة لتنفيذ الخطة وتحقيق أهدافها بإعطاء الفرسان مقومات النجاح في هذه الرياضة وهي الخيل، حيث تمثل ما يقارب من 60% من معادلة النجاح، وكان لنا ذلك مع الفارس خالد العيد “وخشم العان” الذي تكرم به سيدي خادم الحرمين الشريفين، وحصلنا على الميدالية البرونزية الأولمبية الأولى في أولمبياد سيدني 2000م، تحقق ذلك بعد ثماني سنوات من الخطة وقبل هدفنا في أولمبياد 2004م بأثينا. صعب أن تحقق الإنجاز ولكن الأصعب أن تحافظ عليه، وهذا ما مرت به الفروسية السعودية، ولكن حرص القيادة الرشيدة وإيمانها ودعمها لما تراه وتلمسه من نجاحات يمثلها أبناء الوطن، خصوصاً إذا أقنعت ببرنامج واضح المعالم لتحقيق أهداف وغايات مرسومة ويمكن تحقيقها بتوفيق الله وإرادته. بعد أولمبياد 2008م ببكين كانت مبادرة من الفرسان ومحبي الفروسية برفع مقترح مقرون بخطة لتكوين ما يسمى الآن “صندوق الفروسية السعودي” وهو على النسق العالمي للاهتمام بالقمة فرسان، وخيول، ومشاركات، لدعم رسالة الوطن، وإثبات قدراته ومكانته والوقوف مع اتحاد الفروسية الذي يهتم بالبنى الأساسية للرياضة وإدارتها وتطويرها. صندوق الفروسية حقق بعض أهدافه، فقد كان الدعم من القيادة بإيمانها بالخطة التي رفعت وكانت النتائج بتحقيق مراكز متقدمة على رأسها الميدالية الفضية في الألعاب العالمية للفروسية بكنتاكي عام 2010م والتي حققها الفارس عبدالله الشربتلي، والمركز الثامن عالمياً كفريق، وكان من أهم ما تحقق هو بناء وتطبيق مفهوم الإستراتيجية التي آمنت بها وتبنتها وطبقتها إدارة الصندوق وعلى رأسها سمو الأخ الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز والأخوان زياد عبدالجواد وسامي الدهامي وأعضاء الإدارة.. فلولا توفيق الله ثم تسخير هذه الطاقات الوطنية وقدراتها وولائها لوطنها ومواطنيها لما تحققت تلك الإنجازات والبناء الذي نأمل استمراريته ورقيه. فبالرغم من هذه النتائج التي استثمرت فيها القيادة لتثبت وتمكن مبدأ وأهداف الصندوق بدعمه وتسهيل بداية المسيرة بالمبالغ التي أودعت للصندوق كمؤسسة غير ربحية، إلا أن ما لم يتحقق وكما هو معمول به في الدول المتقدمة والمتطورة رياضياً يأتي من مساهمة القطاع الخاص ودعمه من خلال وسائل متعددة كشراكات مع نجاحات الوطن وثقته في أبنائه، ومردود الدعم على مكانة الوطن الذي ينعم القطاع الخاص فيه بتحقيق الربح والكسب من الاستثمار.. على أن هناك دولاً كالولايات المتحدة الأمريكية “القطاع الخاص يمول كامل المشاركة والحركة الأولمبية”.. فما وددت أن أصل إليه أنه إذا لم تكن هناك شراكة بين دعم وتحفيز وإيمان القطاع الخاص بالرياضة وما يقدمه الرياضيون لرفع مكانة وراية الوطن وما تسهله الدولة وتدعم به فإننا لن نحقق الوصول إلى تلك المراتب العالمية. أما الآن ونحن نواجه الواقع وهذه النتائج فيجب ألا نتشاءم.. ولا نخاف.. ولا نحبط.. فنحن قادرون -بإذن الله وتمكينه- إذا استثمرنا في الأساس في أبنائنا وبناتنا بدءاً من المدرسة إلى الجامعة وطبقنا ما أقر من إستراتيجيات لدعم الرياضة المدرسية والتزمنا بها ونسقنا بين الجهات المعنية سواء وزارة التربية والتعليم كالحاضنة الأولى للمواهب واكتشافها والرئاسة العامة لرعاية الشباب لتطويرها ودعمها وتبنيها ولوزارة التعليم العالي في تطوير قدرات المعلمين والمشرفين والمدربين في تخصصات ترتقي بأساليب ومناهج التطور الرياضي عامة.. كذلك يجب أن يفعل ويدعم ويعاد ترتيب مفهوم وأدوار اللجان الأولمبية والاتحادات الرياضية، وتستغل الدراسات التي أعدت، وتربط جميع الجهات سواء الوزارات أو الاتحادات بهدف يؤسس ويخدم ويطور البيئة التي يمكن أن تنمو فيها وتكتشف وتطور المواهب لتحقيق الغاية، ونصل إلى أهدافنا لتصبح الرياضة صناعة نشارك فيها جميعاً، ونحقق النجاح والربح والتفوق. فقد بدأت الأولمبياد عام 776 ويجب أن نستفيد ونجمع التاريخ 6+7+7= 20 لتكون الانطلاقة الحقيقية 2020م ونبدأ الحصاد. أما الآن فيجب أن يبدأ التغيير (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، صدق الله العظيم. وكل عام ونحن جميعاً وطن ومواطن وقيادة بكل خير،،،