التعصب الرياضي بات ظاهرة مزعجة، تداعياتها قد تقود إلى أبعد من الصياح في الفضائيات والتهور في الكتابات والتقادح في وسائل التواصل الاجتماعي، والأنجع البحث في الأسباب لتجفيف منابع التعصب بدلاً من التعامل المندفع مع النتائج بإصدار العقوبات.
والتحركات الأخيرة للحد من التعصب الرياضي، قد تأتي بنتائج جيدة، متى ما تم تكييف الإجراءات قانونيًّا وإشهارها أمام الجميع، لئلا يكون للنفس هوى ونحن نعلم الوضع الرياضي جيدًا وطغيان الميول في التأثير.
ولأن موضوع الحد من التعصب تشترك فيه عدة جهات حكومية، يبقى الموضوع عائمًا ما لم يكن هناك لائحة محددة، يُهتدى بها كمرجع للإجراءات المتخذة في حق من يُجرم سواءً فردًا أو وسيلة من وسائل الإعلام التقليدية وإعلام الشاشة الكونية.
وموضوع التعصب وتفشيه في مجتمعنا الرياضي ليس جديدًا، وتركيبة مجتمعنا التي يغلب عليها العاطفة وسرعة ردة الفعل المعاكسة، ومثل هذه البيئة يموج حولها أقوال متراشقة بين الرياضين بكلمات قاسية ساعد إعلام (الانتشار عايزا كذا) على تداولها وتأجيجها.
ومع تزايد حدة الاحتقان بين الجماهير نتيجة التغذية السلبية وضعف المهنية الإعلامية في تناول القضايا المثارة، أصبحت أبواب التعصب مشرعة في المنابر الإعلامية للمهرجين والمطبلين والمزايدين، ولما يشبه النائحات المستأجرة أيضًا.
والتعصب الرياضي ليس الإعلام هو المتهم الأول فيه، بل إنه امتد ليضرب أطنابه على طاولات أعضاء اللجان الكروية، فتصدر قرارات مزاجية غير عادلة مخففة ضد هذا ومغلظة ضد ذاك، ولدت تنامي شعور يثير الرأي العام الرياضي.
ولا ننسى أن سوء التحكيم الكروي أحد اللاعبين السيئين في ملعب التعصب الرياضي والأخطاء الفادحة وراء تأزم الجماهير.
ومن عوامل زياد الاحتقان المغذي للتعصب في الآونة الأخيرة، ما يلاحظ في كرتنا من سيطرة لون محدد على مفاصل اتحاد كرة القدم الجديد تحديدًا، وكأن من سعى لخدمة ميوله قد نجح في رسم المشهد الذي يريده ليظهر اتحاد الكرة بهذا اللون الإقصائي للغير.
يبقى القول إن الموضوع لا يغطيه مقال وبالمختصر إن محاربة التعصب ليس فقط بسن أنظمة تعاقب المتجاوزين، بل لا بد أن يعمل على إيجاد بيئة رياضية صحية عادلة في كل ما يتعلق بنشأة كرة القدم نحو فلترة الوسط الرياضي من عناصر التأزيم.