|


محمد السلوم
منصات بلهاء
2014-10-07

التعصب الرياضي بات ظاهرة تعلن عن نفسها، ويخطيء من يعتقد أن التعصب لم يبلغ حد الظاهرة، ولاننسى أن من ضمن أسبابه تركيبة مجتمعنا التي تغلب عليها العاطفة وسرعة ردة الفعل المعاكسة وسط مجتمع رياضي ساخن، وزاد من سخونته أقوال متراشقة بين (إنشائيين) رياضيين بكلمات قاسية ساعد إعلام (الميول) على تداولها وتأجيجها.

ومع تزايد حدة الاحتقان بين الجماهير وخاصة بين جماهير الأندية النشطة ذات البعد الجماهيري الواسع على مدى البلاد هناك من يعشق (الأكشن) ويعزف على وتر التعصب في قوله وحرفه مستغلا تلك الشريحة غير القليلة من الجماهيرمن ذوي المنصات البلهاء.

نعم يجوز القول عن هذه الشريحة من الجماهير إنهم أصحاب منصات بلهاء وهم الذين جعلوا عقولهم رهينة لعواطفهم وللغير دون أن يكون لهم رأيهم الخاص المبني على مرتكزات موضوعية بعيدا عن استقبال كل مايقال دون فحص في محتواه.

ووجد هواة (الأكشن) في تلك الشريحة التي سلمت عقلها للغيرعجينة طيعة يلقنونهم ما يريدون من مفردات التعصب لتقوم تلك الشريحة بتسويقها هي الأخرى مرددة إياها بكل فجاجة ودون تمعن عقلي تاركة العنان لعواطفها المحتلة والمفتوحة على مصراعيها لاستقبال هرطقات الآخرين.

لقد استمرأ بعض المهرجين وطاب لهم الجو وهم يجدون من يصفق لهم على هرطقاتهم بكل عماء من بعض الجماهير المغيبة عن الواقع ومن داخل الاستديو أيضا فهناك من يتسخدمهم (المهرجين) كمكائن بلهاء لزيادة سعة انتشار برامجهم مستغلين بلا مسؤولية بيئة يطربها نغم التعصب.

وهذا يعني أن هناك منصات بلهاء تستقبل وتتأثر وهناك مكائن بلهاء تعزف حسب رغبة المقتاتين على نشر التعصب والاحتقان لتعويض ضعف خياراتهم المهنية لتحقيق بطولة هوجاء عند من هم مثلهم من أصحاب الفكرالمتحجر.

والغريب إن الأمر بلغ حد الإغلاق الفكري والتقوقع في مستنقع التعصب ورفض كل فكر آخر واعتباره مناهضا لهم وضرباً من ضروب الأكاذيب، ولاشيء يقنع هذه الشريحة البلهاء غير مكائن بلهاء تدغدغ مشاعرها بمفردات مضحكة لكنها عندهم مبهجة ما دامت تسيء للغير وتتوافق مع أهوائهم.

والإعلام الرياضي خاصة من جماعة (السوق عاوز كذا) وجد نفسه وسط بحيرة من الأمواج المتلاطمة والتنافر بين الجماهير الرياضية ومن حولهم من هواة التأجيج فدخل اللعبة ناقلا ومعلقا ومحللا ومؤججا أيضا حسب ميوله ومتحالفا مع أجندة ناديه معظما من دوره ومقزما من دور منافسيه.

وارتفع صوت الإعلام المؤدلج وضاعت الموضوعية والتوازن وعزفت موسيقى التعصب ألوانها وألحانها وجيشت جيوشها لخدمة ميولها، وطبل المطبلون طبولها، وساد الطرح الإنشائي العاطفي أركانها، وضربت المهنية العلمية الإعلامية في دارها.

يبقى القول إن ظاهرة التعصب الرياضي أصبحت مرئية وملموسة وتجاوزت الحدود الطبيعية وبلغت مبلغا غاب فيه العقل إلى حد كبير، وأصبحت العواطف المحتقنة هي لغة التخاطب السائدة، والعزف على وتر التعصب انسحب على الجماهير الرياضية بل هي حطبه، وماينشر ويعرض في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وقوده.

وتبقى إشارة أن الشباب الأكثر تعاطيا مع الرياضة يمثل مايزيد على 70 % من السكان وذلك مؤشر خطر إذا استمر توظيف الإعلام الرياضي المؤدلج وقودا لقطار التعصب السريع.