على ضوء حالته الفنية المتردية، من المؤسف أن أتطرق للنجم الهلالي الفذ ياسر القحطاني بصيغة الماضي وهو لازال في سن النضج الكروي وقادر على العطاء لسنوات مقبلة.
كان ياسر ذلك اللاعب الماهر والهداف الخطير النهاز للفرص التي تصله إلى أهداف بالقدم والرأس أو تلك التي يصنعها بنفسه، كما أن من ميزات ياسر التسجيل الخاطف بالتعامل مع الكرة مباشرة في المرمى دون إبطاء وفي ذلك البراعة في المباغتة.
كان ياسر من ضمن الخيارات المتقدمة للمدربين الذين أشرفوا على تدريب الهلال والمنتخب السعودي، فلا أحد في ذلك الوقت قادر على ملء مركز الهجوم الأزرق والأخضر غير ياسر.
كان ياسر اللاعب الأول والحاسم لمعظم اللقاءات والمحبوب لدى الجماهير الهلالية وكثيرا ما تغنت باسمه وصفقت له وحملت اللوحات الكبيرة في المدرجات تحمل الرقم 20.
كان ياسر لجماهير الهلال في منزلة الأسطورة الأوحد، أنساها بأهدافه الحاسمة كل من لعب قبله في هذا المركز، فلا اسم ولانجم في المدرجات الزرقاء غير ياسر..وهو كان كذلك، ولا أبالغ إنه كان أفضل من ارتدى الشعار الأزرق في خط الهجوم الهلالي.
وحدث المنعطف في تاريخ ياسر الكروي بعدما عانى من قوى داخل ناديه لاتريد أحدا من نجوم الهلال أن يتجاوز حدوداً معينة تسرق الأضواء من نجم أول سبقه يراد له أن يبقى هو الأول مهما كانت الأوضاع حتى لو تم اللجوء إلى أساليب لاتخدم الكيان الهلالي بقدرما تخدم رغبات شخصية متورمة بتعذيب أبرز نجومه نفسيا، وهو الذي عانى منه ياسر كثيرا وأثر على مستواه وتسجيله الأهداف في السنوات الأخيرة.
ومن يحاول أن يلصق انخفاض مستواه بعوامل أخرى شاعت في تلك الفترة فقد حكم على ظواهر الأمور، ومن لم يعرف أن ياسر يتعرض للضغط لتحجيمه وإبقائه دون وهج النجم (السابق) فهو من (الطيبين).
في ظل أجواء كهذه غير صحية، بحث ياسرعن نفسه في مكان آخر، وتيسر له بمساعدة من مدربه السابق الروماني كوزمين الذهاب إلى فريق العين الإماراتي بإعارة هلالية، ولعب هناك وأمضى وقتاً للتخلص من تداعيات ما حصل له في فريقه، وتألق بعد حين وساهم في تحقيق فريقه العين بطولة دوري الإمارات.
ومن الواضح أن ياسر يعاني من تداعيات لم تنته بعد، خاصة خلال هذا الموسم تحديدا الذي همش فيه دوره كقائد للهجوم الهلالي وأصبح رهين دكة الاحتياط، وإن أعطي الفرصة في بداية المباريات لم يعط الوقت الكافي وهو الذي يحاول العودة ويزج به في دقائق غير كافية من الوقت الأخير للمباراة لإحراجه أمام الجماهير.
وهذا يعني إبقاء ياسرالمغيب الغائب في دوامته وعدم مساعدته للخروج منها لإحداث أكبر قدر من المعاناة في محاولة مستمرة للتأثير على اسمه اللامع لدى الجماهير الهلالية وإقناعها بأنه لم يعد ورقة رابحة.
يبقى القول إن حال ياسر أفضل من غيره ممن عاشوا ظروفا ضاغطة متشابهة أجبرتهم على الاعتزال، وأقرب الأمثلة على ذلك نجم الحراسة محمد الدعيع.
وياسر الذي تجاوز عتبة الثلاثين عاما بقليل قادر على العطاء والتألق من جديد، وسمعته الكروية ونجوميته المعروفة ستخدم حظوظه، فهو يستطيع الانتقال إلى ناد آخر غير الهلال إن لم تتغير الظروف المحبطة له بعد انتهاء عقده أو شراء ما تبقى منه أو بالتراضي لتجديد وإكمال نجوميته الكروية في أجواء قد يجد فيها راحته الكروية والنفسية خاصة في أهلي جدة أو الشباب وربما في قطر أو الإمارات.