|


محمد السلوم
قلوب عاصفة
2013-12-16

في منتصف هذا الأسبوع الشتوي الهاديء من ضوضاء الملاعب الكبيرة بأجوائه الجميلة الحالمة بسحبه المتفرقة تارة والكثيفة تارة أخرى على أجواء البلاد، وبنغم صوت زخات المطر المتفرقة ووسط هذه الأجواء المنعشة.. قررت أن أخرج عن دائرة ما مارسته في حياتي الصحفية من كتابات سياسية واقتصادية ورياضية.

هذه المرة سأكتب بلون مختلف ليس فيه من ألوان الأندية الرياضية شيء.. إنه لون عاطفي من خلال أحداث قصة مفعمة بالروح العاطفية بأفراحها وأتراحها كما في الرياضة روح رياضية بالنصرالسار والخسارة المؤلمة... وإليكم القصة اتفضلوا اقرؤها:

التقيا على ساحل رملي .. تبادلا النظرات، كتبا أول أربعة حروف الاتصال الروحي على رمال الشاطئ (أحبك) كإعلان أول انسجام بينهما قوبل بابتسامة أفصحت علانية بما في قلبيهما.

تكررت لحظات اللقاء في الشروق والهجير والغروب سنوات عدة، وكانت آنذاك في أجمل أحوالها على شواطىء دافئة ونسيم البحر يضفي عليها رطوبة وطراوة يغدوان صباحاً في رحلة صيد ويعودان مساءً إلى شاطئهما الجميل، كل منهما يذهب إلى مهجعه بعد نظرة فاحصة قبل النوم.

وحدث أن اجتاحت ذاك الشاطىء الذهبي عاصفة مدارية وحدث المنعطف الخطير. الفاصل القاصم في حياتهما.. فرّقتهما العاصفة وأخذتهما إلى أعماق المحيط فتفرق شملهما .. ظلا يجدفان أزمنة عديدة وسط العواصف العاتية، قابضان على قلبيهما مخافة الانهيار النفسي محتفظان برباطة جأشيهما وسط أمواج متلاطمة .. صبرا واحتسبا صمدا .. واصل كل منهما الحياة في اتجاه فرضته العاصفة وبلغ الإنهاك البدني والنفسي بهما مبلغه.

فجأة .. وسط أمواج متلاطمة قوية بلغت تحريك صخور قاع البحر، لاح ما يشبه الهدوء والسكون ... بدأت قوة العاصفة تتلاشى تدريجياً .. وبدأ ارتفاع الأمواج يتباطأ إلى أن بلغ مستوى سطح البحر..

وكانت المفاجأة .. فهما وإن افترقا على مسافة مكانية وزمنية طويلة موحشة إلا أنَّ قوة الجذب الكيميائي جذبتهما ليكونا بعد شقاء المعاناة وطول المسافات ومقاومة الأمواج العاتية والرياح في البحر الهائج على مسافة قريبة مع انجلاء العاصفة.. التقيا بعد تقلب الأزمنة وكان ألم الفراق والمعاناة قد أنهكهما بدنياً ونفسياً.. إلا أن القلوب بقيت عاصفة في قوة نبضها كما كانت عند لحظة المكاشفة (بالحروف الأربعة).

لم تمحها قوة الرياح على ذلك الساحل ولم تجرفها قوة تلاطم الأمواج طوال تقلب الزمان واختلاف المكان، وكأن وقع اللقاء في حرارته كما لوكان طيفاً في الأحلام .. وما حدث بعد طول زمان أن العاصفة عزلت الأجساد وفشلت في اقتلاع ماتجذر في القلوب.. ولم يبقَ لسجيني الدهر غير الذكريات حلوها ومرها..

عند اللقاء تحضر الأشواق الملتهبة وتنتعش القلوب.. تحضرالأشجان وتمتليء المحاجر بالدموع ويكثر العتب مع تداول كلمات من قلب العاصفة .. ولم تبقَ سوى كلمة (ليت) شاهداً على حبهما السرمدي.

مخرج ... قلبت العاصفة الأحلام والآمال وبقي كل منهما على ساحل بعيداً عن الآخر مجبراً مكبلاً ينظر في الأفق البعيد بحزن وألم.

يبقى القول إن خروجي عن دائرة الرياضة في هذا المقال الذي اتخذ شكل القصة العاطفية تزامن مع منتصف أسبوع هاديء لاكرة قدم محلية فيه .. والقصة قد تنسحب على أناس كثر في حياتنا العامة، وقد يجد منهم من هو قريب منها أوأنه عاش أحداثا شبيهة لها، أو أنه حولها وبأحداث مختلفة، أوقد يتعامل معها على أنها خواطر عابرة ربما مهربة من الذاكرة أوأنها ضرب من ضروب الخيال من صنع كاتبها.