أخطاء التحكيم الفادحة والمؤثرة في هذا الموسم خلال الجولات الست الماضية ليست حدثا عاديا يدرج ضمن أخطاء اللعبة كما يحلو للبعض قول ذلك، إنما باتت الأخطاء شبحا مخيفا يهدد استقرارالأندية فنيا ويغذي وينفخ في بالونة الاحتقان الجماهيري الذي هو خطر في حد ذاته يتجاوز حدود الملعب. فلا يعقل أن تدفع الأندية وجماهيرها الثمن من أخطاء الحكام لوحدها دون أن يدفع المخطيء الثمن، فالملاحظ على لجنة الحكام كما لوأنها اتخذت موقف العناد للأندية وجماهيرها. ففي الوقت الذي تتحسر الأندية وجماهيرها على ضياع جهودها بسب أخطاء تحكيمية مؤثرة نرى اللجنة وكأنها تكرم حكامها المتواضعين بإيكال لقاءات لهم في الجولة التالية وكأن مآسي الأندية لاشيء، بدلا من محاسبة المخطيء وفق حجم الضرر الذي لحقه سوء عمله بالآخرين أو إبعاده عن التحكيم نهائيا. ومن يعتقد أن النقاد ووسائل الإعلام تكثر الأحاديث عن التحكيم لمجرد الكلام فقط فقد أخطأ، فالحديث المتواصل عن التحكيم يتناسب طرديا مع أخطاء الحكام ومتى ما قلت الأخطاء سيوازيها أيضا كلام أقل عن التحكيم إلى أن يبلغ العمل مرحلة تستحق الثناء، ونقد التحكيم سيستمر حتى يستقيم أمره. وهذا يعني أن الإعلام لايتفاعل مع حدث بلاشيء يدفعه للتفاعل، والحكام هم من يصنع الحدث وأي حدث إنه حدث سلبي، والإعلام والنقاد والكتاب بشكل عام (مع التحفظ على الإطلاق لوجود فئة ملونة) يتعاطون معه بغية التصحيح لا للإثارة. ومعلوم لأهل الإعلام أن الأحداث السيئة رياضية كانت أو غيرها هي من تفرض نفسها بقوة تفوق بكثير الإيجابية، ويتعاطى الإعلام معها لقابليتها الجاذبة واللافتة للمتلقين بالإضافة إلى أنها قوة محركة لتسخين نقاط البيع للمطبوعات وتصفح المواقع الإلكترونية وزيادة سعة انتشار للفضائيات. وإن كان هناك من ينتظر ثناءً هو لم يتقن عمله كمدح التحكيم مثلا وهو بالتأكيد بوضعه الحالي لايستحق سيجعل من يفعل ذلك محل سخرية المتلقين، وهذا يعني أن النقد الحالي للحكام له مبرراته الموضوعية. يبقى القول كما كررت في مقالات سابقة والكل يكرر الأمل والتفاؤل بوضع أفضل في الجولات المقبلة في تصحيح وضع التحكيم القائم، ومضي ست جولات بمآسيها التحكيمية كاف للوقوف بجدية، أما تدني مستوى الحكم السعودي والتدهورالتحكيمي ربما لأسباب عائدة لسوء عمل اللجنة وفشلها في تهيئة حكامها لياقيا وفنيا لقيادة اللقاءات وسط دوري رياضي جماهيري حماسي وحساس، أيضا عيون الجميع فيه مفتوحة وترى كل شيء. وقد تكون اللجنة مجتهدة والعلة في شخصية الحكم فتلك مشكلة تقع على من ضمه إلى صفوف التحكيم وإن كانت العلة في الضغوط، فجميع حكام العالم يواجهون مثل ذلك لكنهم يتغلبون عليه بقوة شخصية لا تردد فيها بالإضافة إلى الحضور الفني والذهني فالأنظمة واضحة والأخطاء كذلك.