بتاريخ 28ـ6ـ2011 كتبت مقالاً في “الرياضية” بعد أن راجت في ذلك الوقت أنباء عن اتفاق مبدئي تم بين إدارة المنتخب السعودي والمدرب الهولندي فرانك ريكارد وحذرت في ذلك الوقت من التعاقد معه. وذكرت أنه ليس مدرب المرحلة التي تتطلب مدربا واقعيا وطالبت إدارة المنتخب بالتروي لتحقيق أقصى درجة من حسن الاختيار بالبحث عن مدرب إنقاذ يعيد وهج الكرة السعودية من جديد وقد عرضت في ذلك الوقت اسم المدرب الأرجنتيني إيدجار باوزا كأنسب الأسماء. لكن إدارة المنتخب كانت في عجلة من أمرها ووقعت مع ريكارد وهاهي تجنى الندامة فالذي قدم إلى البلاد قبل 15 شهرا اتضح من سلوكه خلال تلك الفترة أنه لم يأت للعمل من كثرة رحلاته داخل البلاد وخارجها واعتماده على (معاونيه) في تحضير كل شيء حتى اختيار أسماء اللاعبين. وهذا يعني أن قدوم ريكارد إلى البلاد ليس كمدرب وإنما أشبه بسائح هولندي ـ فوق العادة ـ مكفول شربا وسكنا ومصروف جيب مليوني في حله وترحاله حتى ظن ريكارد على ما يبدو أنه ضيف على البلاد لا أجيراً مطلوب منه إنجاز يعادل الثمن المدفوع له في جلبه من بلاده. والملاحظ أيضا أن (السائح الهولندي ريكارد) رغم الفشل وآخره خروج المنتخب السعودي من خليجي 21 لم يواجه الموقف بشجاعة الشجعان ويعلن للملأ تحمله مسؤولية الفشل وإعلان استقالته ولم يقدم على هذه الخطوة التي لو فعل ستسجل له على أنها الحسنة الوحيدة في تاريخه مع الأخضر. وريكارد على ما يبدو يريد أن يكون القرار من الاتحاد السعودي حتى لا يترتب على قراره دفع الشرط الجزائي المقدر بمبلغ 35 مليون ريال مما يعني أن دوافعه للقدوم إلى التدريب مالية وليس فنية وسلوكه السابق في عدم الاكتراث وكثرة السفر والإقامة بين الخبر والمنامة يعزز فرضية القدوم لاعتبارات مالية. وحتى كتابة المقال مساء أول أمس الثلاثاء والتطورات تتلاحق والغضب الجماهيري يتزايد شعبيا وإعلاميا ولا مناص أمام الاتحاد السعودي وقد تكفل الأمير نواف نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب بدفع الشرط الجزائي غير إصدار قرار بإقالته. فلاشيء يشفع لريكارد بالبقاء مدربا للمنتخب السعودي ولا أمل من نجاح منتظر منه ولعل القرار وهو مطلب جماهيري قد صدر قبل ظهور هذا المقال فجر الخميس وأظنه قد صدر في ظل انعدام مبررات ولو ضعيفة لبقائه. يبقى القول ما قاله العالم الفيزيائي أينشتاين:”الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى وتتوقع نتائج مختلفة”، وهو قول حكيم يؤكد أنه من العبث تكرار نفس الأدوات التي تؤدي إلى نفس النتائج. ولأن نتائج ريكارد مع الأخضر مخزية ونقلت المنتخب السعودي خلال 15 شهرا من قدوم ريكارد إلى الترتيب 126 في تصنيف (فيفا) بين منتخبات العالم كما أن أيضا نتائج خليجي 21 وضعت الأخضر أيضا في الترتيب ما قبل الأخير قبل اليمن في تصنيف منتخبات الخليج. ولأن الأخضر السعودي تعرض في تاريخه لنكسات وإن كانت أقل من نكسته مع ريكارد ولم ينقذه إلا أبناؤه من المدربين الوطنيين بدءا مع الكابتن القدير خليل الزياني عام 1984 فإن الضرورة وضيق الوقت تتطلب تكليف مدرب وطني لقيادة الأخضر في هذه المرحلة. والحكي عن تكليف مدرب النصر الأورجواني كارينيو بتدريب المنتخب السعودي ليس الحل الأمثل في هذا الوقت الحرج وهو غير الملم بـ (مزاج) الكرة السعودية وكلام من هذا النوع في ظاهره الحرص على الأخضر وفي باطنه مآرب أخرى للمتحمسين بتكليفه. وأمام الاتحاد السعودي لكرة القدم خيارات من الكفاءات التدريبية الوطنية وقد يكون الكابتن يوسف خميس الأكثر تطوراً من الناحية الفنية كواحد من الأسماء التدريبية المؤهلة والقادرة على التعامل مع هذه المرحلة الحرجة التي تتطلب أيضا مدرباً ذا شخصية قوية قبيل انطلاق تصفيات أمم آسيا الشهر المقبل.