لو كان الوحداويون المؤثرون في القرار الأحمر لديهم قدرة على قراءة سوق الاحتراف وما يتطلبه من فكر ومال لما لعب بعضهم تلك اللعبة الانتخابية قبل سنتين عندما انفضوا في المراحل الأخيرة من حول الأمير عبد الله بن سعد بن عبد العزيز وهو الذي كان قادرا على إحداث نقلة نوعية في مسيرة الكيان الوحداوي. ومعلوم أن الأمير عبد الله ترشح في ذلك الوقت لرئاسة الوحدة وانسحب في اللحظات الأخيرة بعد أن علم أن الوعود الانتخابية تم اختراقها وأن أجواء مبكرة تبشر بالفوضى لا تستحق العناء. وأحبط انسحاب الأمير شريحة ليست قليلة من جماهير الوحدة وهي التي تفاءلت خيرا بقدوم أمير شاب عرف بنجاحاته الاستثمارية المتعددة في القطاع الصناعي والتقني والخدمي حول العالم ويملك الفكر والمال لإنقاذ فريقها ونقله من مرحلة التشرذم الإداري والفني إلى مرحلة البناء العلمي الإداري والفني. وكانت الفرقة التابعة في ذلك الوقت لجمال التونسي المترشح الآخر لرئاسة الوحدة قد عزفت على تغذية مخاوف وحداوية من هلالية الأمير عبد الله من أن يتحول ناديهم المعروف بأنه منبع للنجوم إلى فرع تابع للهلال على حساب ناديهم. ونجحت في اختراق الاصطفاف الانتخابي وبان مع الوقت لجماهير الوحدة أن تلك القوى طلابة كراسي أكثر مما هي قادمة لخدمة كيان رياضي، وظل الفريق على وضعه المتردي وصولا إلى الهبوط للدرجة الأولى و(إبعاد الفرقة الباكية) عن الفريق وجاء بعدهم قوم بالوعود مغرقين وبالأفعال جافين ولا جديد يدفع الفريق لانتشاله من الوضع السيئ الذي بلغه. والحال التي عليها فريق الوحدة تعكس حالة الصراعات الداخلية لأغراض شخصية ليس من بينها مصلحة الكيان الأحمر مما يعني أن الكيان التاريخي الكبير في حاجة إلى قيادة قوية صارمة تفرض النظام وتوقف الفوضى التي سببت التآكل في أركان المنظومة الوحداوية. والفرصة التي دقت أبواب النادي الوحداوي طارت ولن تعود مرة أخرى وكفاءة رجل أعمال ناجح مثل الأمير عبد الله أراد المساهمة بجهده وماله في خدمة الرياضة السعودية مطلب لكل ناد يبحث عن المتميزين لكن في الوحده بتركيبتها الشرفية الوضع فيها ليس بهذه المقاييس. ولأن الأمير مطلب فقد تسابق أعضاء الشرف في التعاون على إقناعه برئاسة ناديهم ولبى طلبهم إلا أن تنصيبه رئيساً اصطدم بإجراءات إدارية شكلية في الاتحاد السعودي لكرة القدم المؤقت مثل الإقامة ومرور سنة على العضوية وهي إجراءات من (السطحية) الاستمرار ببقائها في الخدمة في لوائح الاتحاد الكروي. يبقى القول إن نادي الوحدة العريق بتاريخه لا يستحق أن يكون في الحال المتردية التي بلغها عبر سنين طويلة وأهل مكة بثرواتهم الطائلة عنه معرضون، وقد يكون لهم أسبابهم نتيجة التناحر المزمن بين أقطابه. وحان الوقت للالتفاف حول النادي وهو يصارع مبكراً للهروب من شبح الهبوط إلى الدرجة الأولى وهو الذي لم ينجح في القسم الأول من دوري زين سوي بجمع نقطتين من تعادلين محققا رقما كبيرا من الخسائرالمتتالية غير المسبوقة في تاريخه. ولقاء الوحدة الليلة أمام الاتفاق على أرض ملعب الشرائع ضمن أولى لقاءات الدور الثاني من دوري زين في جولته الرابعة عشرة كل مؤشراته تقول إن القادم من المنطقة الشرقية سيعود بالثلاث نقاط ليزداد قلق جماهير الوحدة قلقاً على قلق مع عدم استبعاد المفاجآت. وإن حدثت المفاجآة السارة لجماهير الوحدة وجمع فريقهم أول ثلاث نقاط في مسيرته فذلك لايعني سوى مفاجأة ليس أكثر وكم هو محزن أن يوصف فوز فريق عريق كالوحدة بالمفاجأة، لكن الواقع الفني الذي لا يعترف بالتاريخ يقول إنها مفاجأة إن حدثت. وتبقى إشارة وقد وصفت في مقال سابق ملعب الشرائع بالعيادة خلال لقاء الأهلي والاتفاق، وكلاهما قبل اللقاء يعانيان من جروح كرة القدم وتمكن الاتفاق من معالجة نفسه في (عيادة الشرائع) وفاز على الأهلي وما لبث الجريح الأهلاوي أن عالج نفسه في ملعب الشرائع بالفوز الكبير على منافسه الاتحاد. ولأن ملعب الشرائع قريب من مكة المكرمة ويعد أرضاً وحداوية وشهد الملعب علاج أندية من قبل على أرضه، فمن باب أولى أن يكون لفريق الوحدة نصيبه من التطبيب على أرض الملعب.