أن تكون ردة أفعال رؤساء الأندية والجماهير على القرارات التحكيمية والانضباطية غاضبة فذلك أمر قد يدرج في خانة رد الفعل العاطفي، لكن أن تكون لجنة الانضباط هي من يمارس رد الفعل فذلك أمر يتعارض مع وظيفتها واسمها أيضا. وارتفاع أصوات رؤساء الأندية المتضررة من اللجان الكروية له أسباب وليس من قبيل الاستعراض الإعلامي أمام جماهيرهم، فقد بان من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن هناك تجاوزاً للأنظمة واللوائح وتتعسف أيضا في إصدارالعقوبات. ولو أخذنا حالة رئيس النصرالأمير فيصل بن تركي دون غير من الأندية المتضررة كمثال كونه تصدر المشهد الإعلامي في محاولاته للفت الانتباه من قرارات انضباطية يرى أنها غير انضباطية وغير قانونية حلت به، وتهديده باللجوء إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم إذا لم يجد إنصافا. ومعلوم أن الأميرفيصل عوقب على دخوله للملعب بالإيقاف والغرامة المالية وهوالمسجل في (أسكور شيت) المباراة مما يعطيه حق دخول أرضية الملعب، والمادة 62 تنص (على أن كل لاعب أو مسؤول غير مسجل اسمه في كشف المباراة الرسمي يدخل أرض الملعب قبل أو أثناء أو بعد المباراة يعاقب بغرامة مالية قدرها عشرة آلاف ريال). ويبدو أن لجنة الانضباط اعتبرت أحاديث رئيس النصر الإعلامية تجرؤاً عليها أو ربما خدشا لغرورها فترصدت له بقرارات تالية، والقصة لم تنته في ظل التصعيد القائم بين الرئيس فيصل الذي يحتج ويتذمر من قرارات (الانضباط) ولجنه بدا من سلوكها أن أعلنت التحدي. والأنباء التي يتم تداولها أن لجنة الانضباط بصدد اتخاذ عقوبات إضافية على رئيس النصر على خلفية أحاديثه الإعلامية التي شدد فيها أن قرار إيقافه غير نظامي ولا وجود له في اللوائح. صحيح أن رئيس النصر كانت ردة فعله قوية على القرار الانضباطي وفية شيء من السخرية اللاذعة باللحنة عندما قال: سأرصد مبالغ لغراماتهم، ولكن أيضا المتابع يشم (رائحة الاستفزاز)من قرارات اللحنة ضد رئيس النصرومن حقه أن يدافع عن مصالح ناديه ونفسه ويشرح للرأي العام الجماهيري موقفه وبراءته ممانسب إليه في حيثيات قرار اللجنة، وكان يفترض به أن ينتظر قرار الاستئناف لكن يبدو أنه ضاق ذرعا يفوق قدرته على الصبر والانتظار. ويفترض أيضا بلجنة الانضباط وقد ثبت خطأ حيثياتها التي بنت عليها قرارها أن تعتذر لرئيس النصر بدلا من ردة الأفعال وإصدار عقوبات إضافية، ووفق ما عرض في وسائل الإعلام أن موقف رئيس النصر سليم والظلم قد وقع عليه في قرار لم يتم التثبت منه من اللجنة التي تسرعت في إصدارة هكذا يبدو. يبقى القول إن رئيس النصر قد يجد من يرفع الظلم عنه في لجنة الاستئناف ويلغى القرار ويوفر عليه سلوك إجراءات تقاضي خارج الحدود، وهوالذي شدد أنه بصدد رفع شكوى لـ «فيفا» لرد اعتباره من قرارات يرى أنها ظالمة بحقه و(لا أساس لها في أنظمة وقوانين الـ «فيفا» ولا حتى في أنظمة اللجنة ذاتها). وفي خضم ليونة الثقة بين لجان الاتحاد السعودي والأندية وجماهيرها بات من الأهمية وجود مرجعية قانونية عليا مستقلة كصمام أمان يعطي الأندية الأمان من تسلط بعض اللجان المتعسفة في استخدام اللوائح أو العقوبة وفق (المزاج والعناد). والأحداث الأخيرة تعزز الأهمية لتبديد مخاوف الأندية من(الخصم والحكم)، وقد يكون الحل وهو ماسبق أن تناولته في مقالات سابقة في إنشاء محكمة رياضية أو لجنة قضائية عليا مستقلة يتركز عملها في مراقبة أعمال اللجان. واللجنة المقترحة المكونة من من خبراء الرياضة والقانون والأنظمة والتحكيم، مهمتها البت في طلبات الاستئناف كونها لجنة مستقلة لا ازدواجية في أعمالها وتشخيص الأنظمة ومراقبة تطبيقها، كما لها حق تقييم أداء العاملين في اللجان واستجواب (المارقين) وحجب الثقة عنهم وحظر عملهم في المجال. ولجنة من هذا النوع لو ظهرت قد تبدد المخاوف من أنظمة جائرة أو قرارات مزدوجة المعايير لبعض اللجان، وستساعد في إذابة ترسبات في أذهان الرياضيين من تجارب الماضي.