العالم بأسره ينتظر الليلة اللقاء إلهام على نهائي (يورو2012) بين منتخبي إسبانيا وإيطاليا في العاصمة الاوكرانية كييف في لقاء يجمع بين الهندسة الكروية الراقية ممثلة في الكرة الاسبانية وبين الشراسة الدفاعية الايطالية. والمنتخبان خاضا قبل اسبوع لقاءا في الدور الأول من التصفيات الحالية في المجموعه الثالثة وانتهى بالتعادل الايجابي بهدف لكل منهما والطليان يدركون قبل غيرهم ان اسبانيا بطلة العالم في مونديال جنوب افريقيا 2010 وبطلة النسخة الماضية (يورو2008) وانها ليست المانيا التي يخذلها الحظ امامهم. كما انهم يعرفون انه لا عوامل نفسية يمكنهم المراهنة عليها كما فعلوا مع المنتخب الالماني في نصف النهائي بإخراجه بهدفين لهدف مستفيدين من تخصصهم التاريخي النفسي في التغلب على الالمان طيلة لقاءاتهم معهم على مستوى القارة الاوروبية اذ لم يسبق للالمان هزيمة ايطاليا في اللقاءات الرسمية. ومن شاهد لقاء الخميس الماضي الذي سيطر الالمان على معظم فتراته واضاعوا الكثير من الفرص ونجح الطليان في خطف النتيجة وتركوا المستوى الذي لايؤهل للنهائي للالمان بفريقهم الكبير الذي كان مرشحا قويا للفوز بيورو 2012. ومن هنا يمكن القول ان لقاء الليلة يجمع بين القوه الايطالية المحصنة دفاعيا والبراعة في استثمار الهجمات المرتدة وبين والنعومة الاسبانية في رسم المربعات والمثلثات داخل الملعب والوصول إلى الهدف عبر خلخلة دفاع الخصم. على أية حال لست هنا بتقديم تحليل فني للفريقين بقدرما ماذكرت من ملخص انطباعي يؤشر إلى بعض سمات المنتخبين قبل المباراة وما يهمني في المقال ما لفت انظار الجماهير السعودية مع الاداء الراقي للمنتخبات الاوروبية المشاركة وهو الحضور الجماهيري والملاعب التي تسر الناظرين في كل من دولتي بولندا واوكرانيا. نعم الجماهير التي حضرت من كل انحاء اوروبا رغم النقل التلفزيوني المميز وملأت الملاعب لتضفي على البطولة رونقا جميلا يضاف إلى رونقها الفني الذي قدمته منتخبات القارة التي هي الافضل على مستوى العالم بلا جدال ولاينقص تلك المنتخبات المميزة غير انضمام البرازيل والارجنتين ليمكن القول انه كأس عالم (مصفى) ضم نخبة المنتخبات العالمية. وكم من جماهير سعودية تساءلت وتمنت ان لديها ملاعب في مثل تلك الملاعب البولندية والاوكرانية لاسيما وان كلفة الملعب الواحد لا تتجاوز نصف مليار يورو وتتوفر فيها كل عوامل الجذب الجماهيري وهو مالا يتوفر في ملاعبنا التي اغلبها بدائية في التصميم ان لم يكن كلها باستثناء ملعب الملك فهد الدولي الذي يعاني هو الآخر ضعفا في المرافق الخدمية للجماهيرالتي تحول دون اكتمال جاذبيته الشكلية. وهناك مثل صيني حكيم يقول ان الرجل غير المبتسم لايصلح ان يدير متجرا وملاعبنا بواقعها الحالي تخيم عليها الكآبة شكلا ومضمونا وتنظيما بمعنى انها ملاعبنا غير مبتسمة وبيئتها غير مشجعة للحضور. ويعلم من يذهب لملاعبنا من الجماهير ان عليه ان يتكيف مع الوضع فلا خدمات محفزة ولا التزام بالجلوس في المقعد ولا أماكن لإقامة الصلاة ولاشاشات كبيرة تعيد اللقطات الكروية الجميلة بوضوح فضلا عن التعامل مع الجماهير عند بوابات الدخول كما لو كانو محل شبه من خلال تفتيشهم بطريقة يغيب عنها الاحترام. ولو تعاملنا مع المثل الصيني كمؤشر له دلالاته الاقتصادية والاجتماعية والتسويقية والترفيهية ففي مضمونه كل الحول وستبتسم كل الجماهير متى ما ابتسم القائمون على الكورة بتوفير محفزات الابتسامة والابتهاج والجذب للجماهير بكافة اشكالها التنظيمية والترفيهية. يبقى القول وباب الأمل والتطلعات مفتوحا ان نبلغ ما بلغة الآخرون في اوروبا على مستوى البنية التحتية والاداء الاداري والفني ايضا مع ملاحظة ايضا ان العزوف الجماهيري في ملاعبنا ليس مرده للعملية التنظيمية ولبيئة الملاعب فقط بل ان انخفاض مستوى الفرق قلل من حوافز الحضور. كما ان توقيت عرض المبارايات خلال ايام عمل بالاضافة إلى جدولة الدوري للمباريات الكبيرة ايضا ساهم في تفضيل الجماهير مشاهدتها تلفزيونيا وهناك عامل آخر أن سقف ذوق الجماهير كرويا ارتفع إلى حدود تفوق مستوى الدوري السعودي بتفضيل شريحة غير قليلة بمتابعة الدوري الاوروبي على حساب الدوري السعودي.