البطولة العربية التي انطلقت مساء الجمعة الماضي في جدة والطائف وهي التي أصر الاتحاد العربي لكرة القدم على إقامتها رغم ما سبقها من التكهنات وشكوك حول جدوى إقامتها على خلفية ظروف سياسية تمر بها بعض الدول العربية بالإضافة إلى تزامن إقامتها مع يورو 2012 التي تستقطب أنظار كل عشاق كرة القدم. والبطولة التي يمكن تسميتها (بطولة المدرجات الفارغة) تقام وسط إحجام جماهير عربي كبير، وبدت مدرجات ملعبي الطائف وجدة شبه فارغة في اللقاءات الماضية، وربما الليلة في الطائف يكون الوضع مغايرا، ويشهد اللقاء السعودي الفلسطيني حضورا جماهيريا يحيي المدرجات ويضفي شيئا من الإثارة الجاذبة لبقية اللقاءات. ومعلوم أن المتعة الكروية والنجاح التنظيمي والتسويقي لا يكتمل إلا بالحضور الجماهيري الصاخب والأداء الفني الرفيع وهو الغائب حتى الآن عن أجواء البطولة العربية التي يشارك فيها أحد عشر منتخبا عربيا(ثانويا) هم نصف عدد الدول العربية. وبغض النظر عن السلبيات التنظيمية وسوء التوقيت يمكن القول إنه ظهر للمتابعين من الجماهير السعودية أن هناك نجمين ليس جديدين على الساحة الكروية السعودية أعطيا مؤشرات تدعو إلى التفاؤل بقدرتهما على ملء مركز الهجوم في المنتخب السعودي، وهما النجم النصراوي محمد السهلاوي والنجم الأهلاوي عيسى المحياني. وسيبقى اللاعبان تحت أنظار المدرب الهولندي ريكارد، وعما إذا كانا قادرين على مواصلة قيادة الهجوم ليكونا من يعتمد عليهما مستقبلاً، خاصة وهما من صنع الفارق في أول لقاء مع المنتخب الكويتي بتسجيلهما أربعة أهداف بالتساوي. ولقاء الليلة أمام منتخب فلسطين مفصلي ينقل الأخضر(الرديف) دون حسابات إلى مرحلة هامة في بطولة (غير هامة) حتى من الدولة المضيفة التي شاركت بالمنتخب الثاني رغم عدم وجود أية ارتباطات قارية أو غيرها للمنتخب الأول. ومن الواضح أن مشاركة المنتخب السعودي الرديف ستضع الصورة كاملة أمام مدرب المنتخب السعودي لاختيار عدد من عناصره لتمثيل المنتخب الأول كعملية إحلال جيل جديد خلفا لجيل سابق عجز عن حماية اسم الكرة السعودية. وستكون عين المدرب مركزة على خط الهجوم بالتحديد الذي عاني كثيرا منه المنتخب السعودي بعد انخفاض مستويات خمسة من نجومه هم ياسر القحطاني وسعد الحارثي ومالك معاذ ونايف هزازي وبدرجة أقل ناصر الشمراني. وإذا استثنينا ناصر الشمراني الذي ظل لاعبا فعالا في ناديه وهدافا للدوري السعودي ودون ذلك في المنتخب فإن الأربعة الباقين لم يعد يراهن عليهم ولكل منهم قصة مختلفة، فمنهم من صبر عليه ناديه أملا في عودة مستواه كحالة نايف هزازي، ومنهم من أعير إلى ناد آخر للتخلص منه كحالة مالك معاذ الذي أعير إلى النصر من الأهلي وأمضى موسما كاملا وحضر مالك الاسم فقط لا اللاعب. ودوامة هبوط المستوى تختلف في شدتها وطبيعة الظروف المحيطة باللاعب بين لاعب وآخر، ويمكن القول إن سعد وياسر أكثر من عانى من الظروف التي مرت بهما، فالأول بعد إصابة الرباط الصليبي فشل في العودة إلى مستواه وصبر عليه ناديه كثيرا، ومع انتهاء عقده تركه على قارعة الطريق حرا لينتهي به المطاف لاعبا هلاليا دون فائدة تسجل من انضمامه للنادي الأزرق. وتبقى قصة دوامة ياسر هي الأكثر تداولا في الوسط الرياضي وإثارة للجدل، وهناك من وظف ظروف ياسر ضد ياسر ليبقى ياسر رهن دوامته، لكن ياسر نجح في الابتعاد عن أجواء الدوامة بنجاحه بالحصول على فرصة إعارته إلى نادي العين الإماراتي بتوصية من مدربة السابق الروماني كوزمين. وحاول ياسر الذي تحدث كثيراً عن أنه مرتاح في فريقه الجديد أن يجد نفسه في الملاعب الإماراتية ونجح في بعض المباريات وانتهت إعارته بعودته إلى فريقه بعد (زوال أسباب ابتعاده عن فريقه الهلال). يبقى القول، ومع محاولة تجديد المنتخب إلا أن هناك عوامل أخرى ليس سببها اللاعب أدت إلى انخفاض مستوى النجوم، منها أن المحيط العام في المنظومة الرياضية بشكل عام لازال غير مكتمل النمو ويعاني ضعفا في البناء الاحترافي والثقافي، وهناك أسباب أخرى متشابكة أهمها ثقافة اللاعب واحترافية العمل الإداري وضعف الاثنين يطال اللاعبين.