|


أحمد الحامد⁩
كلمات
2018-09-16
منذ سنوات قليلة تغيَّرت بعض القناعات لدي، كان ذلك بسبب التجارب التي قالت لي: إنك كنت تبالغ، أو بالأحرى كنت تتوهَّم. أحيانًا يستذكر الإنسان أيامه الماضية، ويرى نفسه ذلك المندفع بقناعة ما، وعندما تتغيَّر يقول لنفسه: كيف كنت أعتقد وأفكر بتلك الطريقة الخاطئة؟!
الحقيقة أن الإنسان لن يتوقف عن ارتكاب الأخطاء، لكنَّ التقليل منها، هو ما يستطيع أن يفعله. قرأت كتابات كنت قد كتبتها قبل سنوات، واليوم أنظر إلى بعضها، وأشاهد التغيير الذي حصل. لن يحصل الإنسان على بعض الخبرة دون الدخول في التجربة، ولن يمر الإنسان بهذه التجربة دون أن يعطي من مجهوده وماله ووقته. الذين لا يريدون أن يضحوا بهذه الأمور إما أنهم لا يتحركون، وبالتالي لا يتطورون، أو أنهم أصحاب حكمة، وهؤلاء أقلية. بعض الذين يكتبون يومياتهم لديهم دليل تغيُّرهم، وتبدُّل قناعاتهم عن العديد من الأمور التي طالما اعتقدوا ودافعوا عنها. المؤلم في هذا التغيير أنه مكلف على حساب الآخرين الذين كنت تختلف معهم وتعطلهم دفاعًا عما كنت تعتقد، ثم اقتنعت فيما بعد بأنك كنت على خطأ. بعض العقلاء حتى إن كانوا أصحاب رأي مختلف، لكنهم يتعاملون بأفق واسع ومفتوح، تاركين الفرصة لأنفسهم للتعلم والتراجع. ذات يوم كنت أشاهد لقاءً تلفزيونيًّا مع تاجر كبير، كان مقدم البرنامج يسأله عن بعض الأشخاص، وبعض المشاريع، وكانت أجوبته غالبًا تصاحبها كلمات مثل "ربما وممكن ولا أعلم"، للدرجة التي اضطرت مقدم البرنامج إلى أن يسأل ضيفه عن أسباب وضع مثل هذه الكلمات في مقدمة أجوبته دائمًا، فأجابه التاجر، بأنه يقول ما يتصور الآن فلا يجزم، لأنه قد يكون مخطئًا، أما الأشياء التي هو متأكد منها، فهي الأشياء الثابتة، مثل اسمه واسم أمه ووالده وأسماء أبنائه، أما في التجارة فما سيقوله الآن قد لا يقوله غدًا.
كلما آمنت اليوم بفكرة ما، تذكرت هذا التاجر الكبير في السن، وتذكرت تسرعي.
كل ما نقوله ونعتقده مجرد كلمات، لكنها تؤثر فينا وفي الآخرين، فأي تأثير نريد أن نترك.