|


كارثة ميونيخ.. يوم الصحافة الأسود

تقرير: محمود وهبي 2018.10.12 | 12:14 am

اعتاد عشاق كرة القدم على متابعة الصحف صباح كل يوم للتعرف على نتائج المباريات وآخر تطورات الملاعب خلال مرحلة الخمسينيات، في فترة كانت فيه الصحافة الورقية صاحبة الكلمة العليا قبل انتشار الشبكات الإذاعية والتلفزيونية. وكان مبعوثو الصحف في تلك الفترة يتكبّدون عناء رحلات طويلة وشاقة، ويسافرون مع بعثات الأندية على متن طائرة واحدة لقلة عدد الرحلات، كما اضطرت أغلبية الطائرات للتوقف في مطار ما لتعبئة الوقود لعدم وجود رحلات مباشرة، ومن بينها رحلة نادي مانشستر يونايتد في 6 فبراير 1958، التي انطلقت من بلجراد نحو إنجلترا، قبل أن تحلّ المأساة التي خطفت أرواح 23 شخصاً في مطار ميونيخ.
وخسر مانشستر يونايتد في ذلك اليوم 8 من لاعبيه بعد تحطّم الطائرة التي كانت تقلهم أثناء إقلاعها من مطار ميونيخ بعد تزويدها بالوقود، لكن الخسائر البشرية لم تقتصر على اللاعبين فحسب، حيث خسرت أسرة الصحافة 8 من أصل 11 إعلاميا كانوا على متن الرحلة، وكانوا جميعاً ينتمون إلى أسرة الصحافة المكتوبة، وقد واكبوا الشياطين الحمر لتغطية مواجهتهم مع نادي ردستار في بلجراد في إياب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.
ومن بين ضحايا الصحافة في تلك الرحلة المنكوبة فرانك سويفت، الذي مثّل مانشستر سيتي لفترة دامت 16 موسماً، ولعب 19 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي الأول، قبل أن ينتقل إلى عالم الصحافة بعد اعتزاله. وغطى سويفت لقاء لصحيفة "نيوز أوف ذا وورلد"، وفارق الحياة أثناء نقله إلى المستشفى بعد وقوع المأساة، وكان حينها في الـ 44 من العمر، إضافة إلى دوني دايفيز الذي احترف رياضة الكركيت ومارس كرة القدم على صعيد الهواة، قبل أن يفتح صفحة الصحافة من بوابة صحيفة "ذا جارديان" عام 1932، وتخصص في مواكبة مباريات مانشستر يونايتد في الخمسينيات. وكان من المفترض أن يغطي زميله جون أرلوت المباراة في بلجراد، لكنه اعتذر ليعبّر دايفيز عن رغبته بأخذ مكانه والسفر مع الفريق، ففارق الحياة في رحلة العودة عن عمر يناهز 65 عاماً، ليكون أكبر ضحايا الرحلة المشؤومة.
وحملت قائمة الناجين من المأساة 3 إعلاميين هم بيتر هوارد مصور صحيفة "ديلي ميل"، وتيد إليارد موظف البرقيات في الصحيفة نفسها، وفرانك تيلور الكاتب في صحيفة "نيوز كرونيكل" حينها، الذي أبلغ بقية الإعلاميين بوجود الكثير من المقاعد الشاغرة في مقدمة الطائرة، لكنهم فضلوا البقاء في المؤخرة حيث وقعت أغلبية الأضرار والإصابات. واستمر تيلور في مشواره الإعلامي في ما يشبه البداية الجديدة، حيث ألّف في العام 1960 كتاباً عن الكارثة حمل اسم "اليوم الذي مات فيه الفريق"، واشتهر بتغطيته لدورات الألعاب الأولمبية من العام 1960 وحتى العام 1992، كما ترأس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية لفترة دامت 16 عاماً على فترتين. وتوفي تيلور عام 2002، تاركاً ولديْن هما أندرو الكاتب في صحيفة "ذا فايننشال تايمز"، وأليستاير الكاتب في صحيفة "ذا صن".