القراءة مستويات عديدة، مُتَدَنِّيَة ومُتسنِّمَة!. ومن مستوياتها الوطيئة: القراءة للتباهي لا للبهاء!.
ـ يمكن لشخص قراءة مائة كتاب أو أكثر في السنة، ويظل مع ذلك قارئًا سطحيًّا، هشًّا، ودائمًا: كاريكاتيريّ الانتفاخ!. في حين يمكن لك مقابلة شخص آخر لا يقرأ في السنة الواحدة أكثر من عشرة كُتُب أو أقل، ثم تكاد تقف له احترامًا لفطنته، وإجلالًا لتدفّقات الحَلّ والرّبط لديه، ولقُدرته على التّشرّب والتّأمّل!.
ـ المسألة ليست بالعدد، هذه نَعرَة كاذبة، أو نظرة بدائيّة!. قديمًا، كان الشاعر يُبهر، وينال التقدير، لمجرد معرفة الناس بأنه كتب قصيدة من ألف بيت!. العدد كان جزءًا من المجد!. كان ذلك حِسًّا قَبَلِيًّا، إذ كان جزء من المجد الشخصي للفرد أن يكون ضمن قبيلة كبيرة العدد!.
ـ النظرة البدائيّة نفسها تلوّت وتزخرفت وأتقنت المكر، وصارت دعائية وتجاريّة!، مانحةً الاستهلاك "منتهي الصلاحية!" القيمة العليا، مُربِكةً المشهد الثقافي كله، طاعنةً إياه في الصميم، حيث الكتابة وحيث القراءة!.
ـ "وااااااو.. حبّيت"!. استوقفتني الجملة. الانبهار في عيون المذيعة كان صادقًا. أكمَلَتْ مؤكدةً إعجابها بضيفتها:" يعني تختصرون لنا كتاب من 200 صفحة إلى صفحة أو صفحة ونص.. وااااو.. حبّيت"!.
ـ تظن المذيعة، وغيرها من قرّاء التباهي، أنها فيما لو قرأت 150 صفحة، من هذه الاختصارات، تكون قد قرأت 100 كتاب على الأقل!. الفكرة التجارية ستجعل من هؤلاء مثقفين!. الثقافة تسلّعت وبيعت في السوبر ماركت بأرخص الأوقات!. مثل هؤلاء يظنون أنهم فيما لو قرأوا 300 صفحة فقد قرأوا 200 كتاب على الأقل، يا لسهولة الثقافة، ليست شهادات الماجستير والدكتوراه هي التي تزوّر فقط يا سادة!.
ـ ويا للبجاحة، يحتجون بضيق الوقت، وبصعوبة أن يقرأ المرء كتابًا من 300 صفحة، في هذا الزمن المتسارع "نصفه يقضونه في الميديا"!. ولأنّ من طبيعة البجاحة أن تتمدد، فإنه يمكن لعدد كبير من سيدات وسادة هذه الـ" وااااو.. حبّيت"!، أن ينظروا باستصغار، لذلك القارئ الذي قرر أن يقضي وقتًا أطول مع دوستويفسكي في رواية أو مع هيوم في تأملات فلسفية!. "لم يقرأ سوى كتاب أو كتابين.. المسكين"!.
ـ يمكن لشخص قراءة مائة كتاب أو أكثر في السنة، ويظل مع ذلك قارئًا سطحيًّا، هشًّا، ودائمًا: كاريكاتيريّ الانتفاخ!. في حين يمكن لك مقابلة شخص آخر لا يقرأ في السنة الواحدة أكثر من عشرة كُتُب أو أقل، ثم تكاد تقف له احترامًا لفطنته، وإجلالًا لتدفّقات الحَلّ والرّبط لديه، ولقُدرته على التّشرّب والتّأمّل!.
ـ المسألة ليست بالعدد، هذه نَعرَة كاذبة، أو نظرة بدائيّة!. قديمًا، كان الشاعر يُبهر، وينال التقدير، لمجرد معرفة الناس بأنه كتب قصيدة من ألف بيت!. العدد كان جزءًا من المجد!. كان ذلك حِسًّا قَبَلِيًّا، إذ كان جزء من المجد الشخصي للفرد أن يكون ضمن قبيلة كبيرة العدد!.
ـ النظرة البدائيّة نفسها تلوّت وتزخرفت وأتقنت المكر، وصارت دعائية وتجاريّة!، مانحةً الاستهلاك "منتهي الصلاحية!" القيمة العليا، مُربِكةً المشهد الثقافي كله، طاعنةً إياه في الصميم، حيث الكتابة وحيث القراءة!.
ـ "وااااااو.. حبّيت"!. استوقفتني الجملة. الانبهار في عيون المذيعة كان صادقًا. أكمَلَتْ مؤكدةً إعجابها بضيفتها:" يعني تختصرون لنا كتاب من 200 صفحة إلى صفحة أو صفحة ونص.. وااااو.. حبّيت"!.
ـ تظن المذيعة، وغيرها من قرّاء التباهي، أنها فيما لو قرأت 150 صفحة، من هذه الاختصارات، تكون قد قرأت 100 كتاب على الأقل!. الفكرة التجارية ستجعل من هؤلاء مثقفين!. الثقافة تسلّعت وبيعت في السوبر ماركت بأرخص الأوقات!. مثل هؤلاء يظنون أنهم فيما لو قرأوا 300 صفحة فقد قرأوا 200 كتاب على الأقل، يا لسهولة الثقافة، ليست شهادات الماجستير والدكتوراه هي التي تزوّر فقط يا سادة!.
ـ ويا للبجاحة، يحتجون بضيق الوقت، وبصعوبة أن يقرأ المرء كتابًا من 300 صفحة، في هذا الزمن المتسارع "نصفه يقضونه في الميديا"!. ولأنّ من طبيعة البجاحة أن تتمدد، فإنه يمكن لعدد كبير من سيدات وسادة هذه الـ" وااااو.. حبّيت"!، أن ينظروا باستصغار، لذلك القارئ الذي قرر أن يقضي وقتًا أطول مع دوستويفسكي في رواية أو مع هيوم في تأملات فلسفية!. "لم يقرأ سوى كتاب أو كتابين.. المسكين"!.