|


تركي السهلي
الوحوش الخمسة
2019-04-01
أصبح النصر في المركز الأول بعد جولات طويلة مضنية، وبات بينه وبين اللقب وحوش خمسة، تتمثل في الفِرَقِ المقابل لها في منعطفه الأخير. فاز النصر على الهلال في لقاءٍ مليء بإصرار من يلعب كرة القدم، وأخذ كل لاعب أصفر ما يريد من المباراة ونام ليلة ما بعد الكسب في حضن الأحلام.
لكن على كل فرد من فرقة فيتوريا أن يصحو، فالأحلام لا تتحقق إلاّ في الاستفاقة. في معركة البقاء لا مجال للضواري أن تعتمد على حواسها فقط.. لا بد لها من مخالب وأنياب وخطوات سريعة وروح تعرف كي تظفر بما تريد. الذئب الجائع لا يستسلم للخمول.. الفهد السريع يتجاوز المسافات القصيرة قبل الطويلة.. الأسد القوي لا يشبعه شعر رأسه الكثيف.
ليلة التاسع والعشرين من مارس لم تكن ليلة عابرة بالنسبة للنصراويين.. كان الجميع فيها أشبه بكتلة عصيّة على من أراد تفكيكها وجعلها ليّنة طيّعة.. كان النصر أقوى مما تصوّر بعضهم.. كانت رائحة الفوز تقوده كما تقود السباع إلى الاصطياد.. لم يكن هناك مجال للهزيمة تلك الليلة وفي نفس كل لاعب أصفر رغبة تجاوزت كل ما في الذات من دوافع. كل شيء كان جميلاً في النصر. ولكي يبقى كذلك عليه أن يطرد الروح المختالة وتسكنه روح المثابر الدؤوب وعزيمة لا ترتهن لساحات الدعة والنوم الطويل، وعليه أن يبقي جلده قاسياً كجلد تمساح وأن تخرج من بين أضلعه أنفاس الواقف بقدميه بعد معركة نال منها ولم تنل منه، على النصر أن يقبل على كل جولة من الجولات الخمس المترادفة وهو يرقب من علو لا الملتفت ببطء يمنة ويسرة، وكأنه وسط وفرة، على كل نصراوي أن يعي جيداً أن البندقية القديمة المحشوّة برصاصة وحيدة قد تصيبه في مقتل. لم يعد مقبولاً لدى نصراوي أن يأتي إليه نصراوي آخر سكنه الفراغ كثيراً ليملأ فرحته برقصة باهتة لا معنى لها ولا قيمة، أو أن يغنّي أمامه أغنية الفوز المؤقت بصوت لا جمال فيه ولا حبال ممتدة. في مرحلة النصر الحالية على الذئاب أن تنادي بعضها، وعلى الجوارح أن تُحلّق في المجال المرتفع من السماء. تعوّد النصر أن يكون حاضراً بإرادته وأن يغيب بإرادته أيضاً، وبقي في كل منافسة هو سيد نفسه.. الآن بات لزاماً عليه أن يرمي مزاجه المغلّف له والمطوّق محبيه خلف كل شيء، فمحيطه كبير ورايته الطويلة تُشاهد من كل اتجاه.