|


سعد المهدي
لماذا طريق ملوي الحجج وكاذبها أرحب
2019-08-12
من قول الشاعر والفيلسوف البنغالي طاغور “1861 ـ 1941م” إن من يحمل مصباحًا خلف ظهره لا يرى غير ظله أمامه. تبدو حكاية الإصرار على البقاء خلف المصباح دون التنبه أو الاعتراف بالخطأ المسؤول الأول عن إطالة مدى عدم التحرك للأمام ببصيرة أو التغيير والإصلاح.
الفيلسوف الألماني الثور شوبنها ور “1788ـ 1860م”، في كتابه فن أن تكون دائمًا على صواب، ترجمة رضوان العصبة حول الجدل ومغالطات الحقائق، وكيف أنها يمكن إن لم تنقض، وأهمية ذلك انتهى إلى اعتبار أن أعظم سلاح يستخدمه المغالط هو التلبيس والتدليس بالاعتماد على الحجج الملتوية المرائية وإهمال المستقيمة.
الأمران مرتبطان بالسير في الظلام وعلى غير هدى، إن سبب ذلك وضع المصباح في الخلف وليس الأمام، أو إن تركت المغالطات والتدليس دون التصدي لهما بالنفض والتصويب كما يرى “شوبنها ور” الذي يهدي لنا حول الأمر الثاني الطريقة الأقرب إن أردنا القيام بذلك، معترفًا بأن طريق قويم الحجج وصائبها أضيق وأن طريق ملوي الحجج وكاذبها أرحب، لذا وجب كما يقول فحص هذا النمط من الحجج المرائية والمموهة، قصد الوقوف على طبيعتها ومن ثم تحديد سبل نقضها،
هو أيضًا يرى أن المعتمد على الحجج الواهية والمموهة يفرض على خصومه خيارين، إما أن يبينوا له مكمن المغالطة فتقطع عليه الطريق، وإما أن تجاريه في ذلك من أجل العمل على التصدي له ونقض مغالطاته، ولكن كيف؟ هنا يذكر أنه والأمر كذلك باتت أهمية العلم بالمغالطات للاقتدار على نقضها والتصدي لمختلف أساليب التضليل والتغليط، لأنه على ناقض المغالطات أن يكون داريًا بأصول وضوابط الصناعة، وأن يمتلك قدرات تحليلية وتقويمية تمكنه من اكتساب مختلف آليات العرض والاعتراض، ومن علمها وعمل بها نجح في أن يقطع على المغالط تدليله وربما عكسه ضده وقلب الحجة عليه.
سأعود إلى ما اختصره الناشر خلف ظهر الكتاب مرة أخرى لكن لا بد من طرح السؤال الخاص بنا: هل هناك من المدلسين وأصحاب الحجج المرائية المموهة من يتوقف أو يعتذر أو يهتم لو أن بين له مغالطاته وتهافت حججه وكذب رواياته، بل هل ممن يسيرون في الظلام لا يرون أمامهم سوى ظلهم لا يعلمون أنهم لن يبصروا إلا ما يريدون إلا أن يروه حيث يعتقد “هذا الكتاب” أن من يجهل هذه الحيل والمغالطات ولى به أن يهزم فيما هو في وسطنا الكروي وربما في جل المجتمع يهزم في الحالين إن علم أو جهل.