|


تركي السهلي
التحسين المستمر
2019-08-24
منذ أن أخذت الأندية السعودية في الظهور منتصف الخمسينيات الميلادية وهي تشارك فعليًا في مسابقات كرة القدم وتطوّر بها الحال حتى وصلت إلى مرحلة نهاية السبعينيات حينما انتظمت في منافسات بطولة الدوري. وعلى مدى أكثر من أربعة عقود أفرزت لنا المسابقة أندية ونجومًا وملاعب وشغفًا جماهيريًا متزايدًا.
وخضع الدوري طوال عمره إلى تغيير من حيث الشكل ووقفت الحكومة على الدعم المالي المباشر دون التخلّي عن ذلك ولو لموسم واحد ويمكن أن نقول إن الضخ المالي في فترة عقد الثمانينيات الميلادية مع العامين الماضيين يعد الأضخم على الإطلاق وانعكس ذلك على كل ما في المسابقة من جذب جماهيري وتسويقي.
وكان العطاء في الفترة الأولى ينبع من تصدير فكرة الهويّة السعودية وإيجاد صورة للشخصية المواطنة الفاعلة في مجالها والمؤثرة خارجيًا ونتج عن ذلك فوز المنتخب السعودي بكأس آسيا 1984 و1988م وكأس العالم للناشئين 1989 م وتأهل منتخب كرة القدم في الحقبة ذاتها إلى أولمبياد لوس أنجلوس وأعطت الحكومة بسخاء للقطاع الرياضي في كل وقت وإن كانت تراجعت قليلًا عن ذلك في العشرين عامًا الماضية ما أثمر غيابًا عن الحضور الدولي وهو الأمر الذي يجعلنا نطرح فكرة رفع اليد من قبل القطاع العام وترك المسابقة للقطاع الخاص.
إن الدول المتقدمة في تنظيم بطولات الدوري لديها أدركت قوة المال وضرورة دخوله في الرياضة ومنح الحرية للشركات العالمية الكبرى للترويج عبر الأندية وفتحت الباب أمام الأفراد للتملّك والاستحواذ حتى من غير جنسيتها ولنا في الدوري الإنجليزي مثال إذ يعد الأول على مستوى العالم في الفكر الاستثماري الرياضي. إن التفكير باستمرار رعاية الأندية السعودية من منظور وطني يجب أن يتوقف وعلينا تحويل مسابقة الدوري لدينا ـ في هذا الوقت بالذات ـ إلى قطاع منتج للاقتصاد وربحي بالدرجة الأولى، فمرحلة تقديم الشخصية السعودية للعالم انتهت وحان وقت ترويج الفكر السعودي القائم على المقدرة بما فيه من ذكاء واقتناص فرص وتمدد إلى خارج المحيط والوصول إلى مناطق بعيدة في التأثير. إن محاولة تغذية الجسد الرياضي لدينا بالجرعة تلو الجرعة مفيدة لكنها غير ثابتة وهو ما يتطلب التفكير ببدائل قادرة على تقوية كامل الجسم تجنّبًا للوهن. لقد خضنا تجربة طويلة من تكرار التحسين للدوري المحلي وعشنا منحنيات كثيرة من الصعود والنزول وبات لزامًا علينا الآن أن نخطو بسرعة فائقة إلى الدرجات العليا والوقوف عليها مع عدم التراجع تحت أي ظرف كان.