|


أحمد الحامد⁩
المواسم والأمزجة
2019-11-25
انقسم الناس في محبة المواسم، بعضنا يحب موسم الشتاء، والذين لا يحبون البرودة يرون أن الصيف أقرب إليهم من انخفاض درجات الحرارة، انتبهت أن درجات الحرارة في كل قارة تعطي موسماً لا يشبه نفس الموسم في قارة أخرى، بمعنى أن الذين يحبون موسم الشتاء في السعودية سيهربون من الشتاء إذا ما كانوا في روسيا.
أحببت صيف لندن وشتاء دبي، ثم اكتشفت أن الرياض لا تضاهيها مدينة في موسم الشتاء، وعلمت بعد تعدد المواسم أن لكل فصل مزاجًا، حتى الآراء تختلف مع اختلاف المواسم، رأيك عن شيء ما وأنت تنعم بنسمات الربيع غالباً لن يكون هو نفس الرأي وشمس الصيف تعصر من جسدك سوائله، النفس حساسة جداً وتتأثر بمحيطها كثيراً، عاش أحد الفلاسفة اليونانيين في برميل، قيل إن فلسفته تدور أن الإنسان يعيش قناعاته وأنه هو من يصنع بيئته وأسلوب حياته سواء كانت في برميل أو في قصر كبير، استخدم تشيخوف قصة عيش هذا الفيلسوف في البرميل في حوار الطبيب مع أحد مجانين رواية عنبر رقم 6، كان المجنون يطالب الطبيب بالخروج من العنبر ورؤية المدينة التي اشتاق إليها ولرؤية الناس، فأجابه الطبيب بأن لا حاجة للخروج من العنبر وبأنه يستطيع أن يتخيل المدينة والناس بينما هو مستلق على سريره، فالفيلسوف اليوناني عاش في برميل متخيلاً كل العالم داخل برميله، أجابه المجنون بأن الفيلسوف يعيش في اليونان على سواحل البحر الأبيض المتوسط ذات الأجواء الدافئة، ولو عاش فيلسوفك في روسيا لترك الفلسفة وأحرق برميله وبحث عن ما يتدفأ به. أشعر أن هناك ارتباطًا بطريقة ما بين المواسم ومستوى الحالة المادية أيضاً، فآراؤك وبجيبك المال لن تشبه آراءك وأنت مفلس تعض شفتيك حسرة أو تقضم أظافرك بأسنانك دون شعور منك، أنا شخصياً إذا ما كنت مفلساً لي نظرة مختلفة عن الحياة والناس، وغالباً ما تكون هذه النظرة سلبية وتكون آرائي حادة، أما إذا كنت أملك المال فذلك أشبه بموسم الربيع، حينها تكون الدنيا ذات ألوان زاهية والحياة قصة جميلة لا تنتهي متعتها، هل جربتكم العلاج بالمال؟ بمعنى إن كان أحد أقاربك أو أصدقائك بمزاج سيئ حاول أن تعطيه بعض المال ثم انظر لنشاطه وطاقته وكأنه في رحلة ربيعية، جعل الله كل حياتكم مواسم تحبونها بجيوب عامرة.