النصر والتعاون.. جدة تعيد صياغة التاريخ
بعد 10815 يومًا.. بعد 360 شهرًا تقريبًا.. بعد 29 عامًا، تعود جدة الراقدة على ضفاف البحر الأحمر لتسهر في ليلة كروية كل ما فيها شبيه الذهب.. يرتدي النصر والتعاون اللون الأصفر.. لون الذهب اللامع.. السباق على كأس ذهبية، تجوَّلت في أحياء جدة، وعلى الكورنيش، وداخل المجمعات التجارية طوال اليومين الماضيين.. جدة مدينة ساهرة لا تعرف أجواء النوم الباكر في كل لياليها، وعلى مدار العام.. ساعدها في ذلك طبيعة طقسها المعتدل في الشتاء، والرطوبة الصيفية، إضافة إلى ثقافة أهلها وسكانها المتَّسقين مع نسائم البحر الهادئة.. من الجنوب إلى الشمال، يمكن اختصار قصة التعاون والنصر قبل أن يطلق الحكم صافرة البداية لمواجهة، ستأخذ لها مكانًا وسط مجريات التاريخ.
في 25 مايو1900، التقى النصر والتعاون على نهائي كأس الملك.. كان ملعب الأمير عبد الله الفيصل، جنوب جدة، مسرحًا للمباراة التي انتهت برأسيتين، تكفَّل بهما ماجد عبد الله بالتساوي في شوطي اللقاء.
اليوم، تتجه الوجوه والأنظار والاهتمامات إلى الشمال الجداوي، وتحديدًا إلى الجوهرة المشعة، حيث يلتقي الغريمان الأصفران مرة ثانية في ظروفٍ ربما تجمعها قواسم مشتركة كثيرة.. يأمل النصراويون كثيرًا أن يستنسخ المغربي عبد الرزاق حمد الله ما فعله ماجد، خاصةً أن هذه أولى مباريات موسم 2020 بعد أن طوى حمد الله صفحة 2019 متسيدًا قائمة الأكثر تسجيلًا للأهداف حول العالم كله.. تصب التوقعات والترشيحات في أغلبها لمصلحة الأصفر العاصمي الكبير.. يستند الذاهبون في هذا الرأي إلى عوامل فنية عدة، منها الاستقرار الفني بوجود البرتغالي روي فيتوريا، بينما قبل أيام قليلة، استغنى أصحاب القرار في النادي القصيمي عن البرتغالي باولو سيرجيو، وكلفوا عبد الله عسيري، المدرب السعودي، بالمهمة الصعبة والاختبار الطارئ.
النصر يتصدر، والتعاون سابعًا في ترتيب الدوري.. يحلم أنصار التعاون بالمفاجأة.. يراهنون على أن كرة القدم لعبة لا تتقيَّد بمقاييس محددة.. لها طبيعة ولها خصوصية، ما يجعل انتصار التعاون ممكنًا وواردًا إلى حدٍّ كبير..
تغييرات كثيرة وكبيرة في هذه المسافة من الأيام والأعوام بين مباراة جرت في جنوب جدة، وأخرى ستُلعب في شمال جدة.. مسافة الوجوه والتحدي التي أرهقت النصر، ومسافة الآمال العريضة التي جعلت من التعاون اسمًا، انضم بكل جدارة إلى قائمة الأبطال السعوديين.. بطل الدوري وبطل الكأس.. يلتقي الأصفران اليوم.. بالطبع تغيَّرت الدنيا وتغيَّرت أشياء كثيرة، لكنَّ الفوز بمباراة نهائية لم يتغيَّر.. إنها القصة ذاتها تتجدَّد.