|


سعد الدوسري
ترفيه متوتر
2020-01-06
لا يمكن أن يتفق اثنان على تعريف الترفيه، وذلك لأنه ببساطة من المفاهيم المختلطة، مثله مثل الرياضة والفن، فالرياضة قد تكون للجسد، وقد تكون للذهن، وقد تكون للروح، وكذلك الفن.
ومن هنا، يجب أن نحدد مسبقاً عن أي رياضة نتحدث، وعن أي فن، وعن أي ترفيه؟! وإن تحدثنا عن كرة الطائرة على سبيل المثال، فإنها قد تكون للذكور، وقد تكون للإناث. قد تكون للمحترفين، وقد تكون للهواة. قد تكون كرة طائرة للشاطئ، وقد تكون لذوي الاحتياجات الخاصة، وكل تفصيل له المزيد من التفصيل.
بشكل عام، ينظر العامة للترفيه، على أساس أنه احتياج إنساني مؤقت ولفترة محدودة، لكي يستطيع الفرد بعده أن يستعيد نشاطه الجسدي والذهني، ويعود لممارسة حياته الاجتماعية والمهنية، بشكل أفضل وأكثر ارتياحاً من ذي قبل، ما سيمكنه لاحقاً من إنجاز أعماله بنشاط وإبداع، هذا هو التعريف الذي قد يتفق عليه أكثر المختصين، ما يجعلنا نسأل:
-لماذا نلمس بعض ملامح التوتر لدى الأشخاص الذين يحضرون فعاليات الترفيه؟! أين تكمن المشكلة؟! هل هي في أجواء الفعالية، أو في أسلوب تنظيمها، أو في أسعار تذاكرها، أو في الخدمات المتوفرة فيها وفي طاقم التنظيم الذي يتواجد داخلها؟!
قصور الخدمات وارتفاع الأسعار وسوء التنظيم، وارد. ومن المؤكد أنه سيتسبب في إفراز التوترات لدى الجمهور، لكن على افتراض أن هذه السلبيات غير موجودة، وأن كل ما هو أمامنا مبهر، فلماذا التوتر؟!
الإجابة تكمن في فهم تركيبة الواقع الاجتماعي الذي يتم فيه الترفيه. في عالم “ديزني لاند” الشهير بأورلاندو، هناك طاقم عمل يبلغ عدد أفراده 62,000، ويزورها 52 مليونًا سنوياً، من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم السعوديون، يخرجون كلهم وهم في منتهى السعادة والانشراح، لأن الواقع هناك يفرض الترفيه كحق من الحقوق، لا يتجرأ أحد أن يمسه أو أن يحرض ضده أو يدخله في نطاق الممنوع أو المحظور. وفي مثل هذا المناخ وهذا الفهم، سوف لن نجد في الرياض أو في جدة أو في الشرقية من يحضر لكي فقط يتوتر وليوترنا معه!! سيكون الحفل المقام في “البوليفارد”، على سبيل المثال، خالياً من أي منغصات قد تنعكس سلبياً على الفعالية أو على جمهورها. وإذا حدث إن نشأ منغص ما، فإن هناك آليات حاضرة على وجه السرعة، للقضاء عليه مباشرة، ولإعادة الحال إلى ما كانت عليه.