|


سعد الدوسري
الدودة الرياضية
2020-01-08
تكاد القراءة العامة أن تكون المعضلة الأكبر لدى ثقافة الأسرة. كل من لا يجد موضوعاً للنقاش، يصوّب سهامه على الجيل الذي لا يقرأ، وربما أن معظم حمَلة تلك السهام، لا يقرؤون بالمعنى الحقيقي للقراءة، لكنهم يجيدون في هذا الموضوع، وسيلة لوضع أنفسهم في مقام أعلى من غيرهم!!
إنَّ الذين لا يحبون القراءة، لن يحبوها، مهما حاولنا إقناعهم بضرورتها وأهميتها في بناء الشخصية الثقافية للأطفال والشباب والكبار. وقد يواجهك أحد الفتيان بقوله:
- جدي لا يقرأ ولا يكتب، لكنه أكثر أفراد عائلتنا ثقافة.
هناك وسائل متنوعة لاكتساب الثقافة، القراءة إحداها وليستْ شرطها. ومن هذه الوسائل الاستماع أو المشاهدة، ولي تجربة في مجال الكتب المسموعة. في السابق، كنت أتحفظ على سماع الزملاء للكتب، وكان تحفظي مبنياً على تجاربي الفاشلة في أكثر من كتاب، مرة كتاب فكري، ومرة شعري، ومرة قصصي. في كل المرات، أتوقف عن السماع بعد الساعة الأولى من المحاولة الشاقة، إذ أتشتت ولا أتمكن من التركيز. وبعد فترة، أعدت المحاولة، فأصبحتْ ساعة السماع ساعتين، وكلما بدأ معي عدم التركيز، أتوقف وأعيد المحاولة في اليوم التالي، إلى أن بدأت أتأقلم مع العادة الجديدة.
على كل واحد منا أن يجد الوسيلة المناسبة للتحصيل المعرفي، بحيث يثقف نفسه ويستمتع في نفس الوقت. وليس بالضرورة أن نثقف أنفسنا في الفلسفة أو في التاريخ السياسي، لكي نبدو أمام العالم مثقفين!! يكفي أن أثقف نفسي في المجال الذي أميل إليه، كالرياضة أو الموسيقى أو الأفلام، وسأكون بطبيعة الحال أكثر ثقافةً في هذا المجال من الشخص الذي ثقّف نفسه في مجال الاقتصاد. وبعد ذلك، سيكمّل كل منا الآخر. فكما أنني لا أملك ثقافته الاقتصادية، هو لا يملك ثقافتي الرياضية.
أسوأ ما في المثقفين، أنهم يعممون نظرتهم تجاه القراءة، إلى الحد الذي يجعل الشباب المحيطين بهم، يتحفظون عليها، وقد يتندرون بمن يميل لها، فيسمونه “الدودة”، لأنه يعيش داخل الكتب!والغريب أن لا أحد يطلق على المثقفين في المجال الرياضي هذا اللقب، هل سبق أن وُصِفَ فهد عافت أو أحمد الفهيد بدودة كتب، على الرغم من أنهم كذلك؟! حسب معلوماتي، لم يحدث هذا الأمر. ما يحدث، هو أن هذين الكاتبين المثقفين ثقافة أدبية واسعة، هما من أقرب الكتّاب لقلوبنا جميعاً.