|


مساعد العبدلي
لا تحرموني صديقي الوفي!!!
2020-02-04
ـ قلت ذات يوم إن “أعز” أصدقائي وأكثرهم “وفاءً” هو “الكتاب”، لأنه ظل الصديق اللصيق الصدوق أينما ذهبت، بل إنه الصديق “الوحيد” الذي يغذي فكري إيجابًا.
ـ في المنزل أقرأ، وفي المطارات لا أترك الكتاب، ولست محددًا لنوعية الكتب، وإن كنت أحرص كثيرًا على “الروايات”، لأنها تبعدني إلى عالم آخر من مصائب الكون وأخباره السيئة.
ـ أؤمن وأتمسَّك بمقولة “لا تقرأ اسم الكاتب وأقرأ ما كتب”. أهتم “بالمضمون” وليس بمَن “كتبه” مع خالص احترامي لكافة الكتَّاب، وتأكيدي في الوقت نفسه أن هناك مؤلفين “يجذبون” القراء من خلال وجود أسمائهم على غلاف الكتاب.
ـ تطوَّر الزمن، وتغيَّرت وسائل القراءة، وبات في إمكان القارئ أن يقرأ من خلال هاتفه المحمول، أو جهاز الـiPad “الكمبيوتر الكفي”، لكنني على الرغم من امتلاكي هذه الوسائل وتحميلها بالكتب إلا أنني ما زلت أقرأ الكتاب الورقي، وهو “عشق” متواصل حتى لو سبَّب لي الكثير من المواقف.
ـ آخر هذه المواقف، حدث قريبًا في أحد المطارات عندما كنت أقرأ كتابًا منتظرًا موعد إقلاع الطائرة بالقرب من بوابة صعود الطائرة، وإذ بأحد الشباب “منتصف العشرينيات” يقترب مني وبكل أدب، يسألني “لا تزال تقرأ من كتاب؟”، وأضاف “هل هناك اليوم مَن يقرأ أصلًا مواضيع مطوَّلة سواءً كان كتابًا ورقيًّا، أو عبر هواتف وحواسيب محمولة؟”.
ـ قال: نحن نعيش عصر “السرعة”، والعالم يؤمن بالمختصر، وأعتقد أن زمن الكتب والمواضيع المطوَّلة قد بات من الماضي.
ـ قلت له: هذا رأيك، وأحترمه، بل وأشكرك على جرأتك بأن تقول هذا الكلام لشخص، يقرأ كتابًا، وأنت تعلم بأنك “تجرحه” بما تقول، لكنني سُعدت برأيك، وعلينا أن نحترم آراء بعضنا.
ـ سألته: هل تعلم أن الدول العربية تنظِّم سنويًّا معرضًا للكتاب “الآن في القاهرة، وإبريل المقبل في الرياض”، وهذه المعارض تشهد إقبالًا منقطع النظير، بل إن أناسًا كثرًا، يسافرون بين الدول العربية من أجل حضور هذه المعارض التي يتم خلالها بيع الكتب بملايين الريالات؟
ـ أجابني: نعم، أعرف عن هذه المعارض. قلت له: تصوَّر لو لم يكن لهذه المعارض “عشاقها وزبائنها”، هل كانت ستقام؟ بل هل ستُصرف مبالغ طائلة من أجل تنظيمها؟ قال: كلا. قلت: إذًا، ما زال هناك مَن يقرأ الكتاب الورقي، بل ولا يستغني عنه. هز رأسه وضحك، وافترقنا، وشعرت بأنه لم يقتنع.
ـ لماذا يسعى “جيل” اليوم إلى حرماننا من “أعز وأوفى” أصدقائنا؟!