|


سعد الدوسري
قصائد الأفلام
2020-02-12
في مشاريع الأفلام النخبوية القصيرة التي كان شبابنا ينتجونها على مدى السنوات العشر الأخيرة، كسبنا عددًا من المبدعين والمبدعات في المجالات الأساسية مثل الإخراج وكتابة السيناريو، لكننا لا نزال وسنظل لفترة من الزمن، نحتاج إلى من يبدع في مجالات مثل التصوير والصوت والإضاءة والمونتاج والمؤثرات.
معظم هذه الأعمال كان المخرج يقوم بها، أو يقوم بها آخرون ضمن توجيهاته المحددة، التي لا مجال لهم للإبداع فيها، أو تقديم رؤيتهم الفنية لها. وسوف نعول في هذا الشأن على هيئة الأفلام الجديدة، التي ستهتم بالضرورة بإنشاء أكاديميات متخصصة لتدريس جميع التخصصات ذات العلاقة بصناعة الأفلام، لكيلا نستمر في الاعتماد على المواهب غير المؤهلة علميًا، التي لا بأس في وجودها، لكن البأس ألا نتيح لها الفرصة لكي تطور أدواتها بالدراسة والتأهيل والتدريب.
في حفل توزيع جوائز الأوسكار، نافس فيلم “1917” على المركز الأول، لكن الفيلم الكوري “باراسايت”، تفوق عليه في النهاية. وتتلخص قصة الفيلم في عبور جنديين خطوط النار، للوصول إلى أحد قادة الجيش، وتسليمه رسالة من القائد العام. وفي خضم المعاناة، يموت أحد الجنديين، ويكمل الجندي الآخر المهمة، إلى أن يؤديها. وقد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الفيلم سيعتمد في مجمله على المؤثرات الحربية، وقد يكون هذا صحيحًا، ولكني رأيت فيه أكثر من ذلك بكثير، سواءً من ناحية البعد الإنساني أو الفلسفي، أو من ناحية الصورة، التي تصل في بعض الأحيان إلى مستوى القصيدة، لروعتها ودقة صناعتها. وأظن أن فريق التصوير بقيادة جين آن تينقرين، ومشاركة سام مينديس وبيبا هاريس وكالوم مكدوقال، صنعوا واحدًا من أجمل الأفلام على مستوى الصورة ذات العمق التأملي، الملائم لفكرة أن تكون وحدك في مواجهة موت حتمي، لكي تمنح الحياة لـ 1600 إنسان، بكل أحلامهم وأمانيهم وشوقهم للقاء أمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم.
إن من أهم أهداف صناعة الأفلام، خلق أجيال من الحرفيين الذين سيكون بمقدورهم إنتاج فيلم يعكس الإبداع المتقن لكل المكونات السينمائية، من الكلمة إلى الصورة إلى المؤثرات الصوتية. وهذا يضم عشرات وأحيانًا مئات الفنيين، كل واحد منهم متخصص في مجاله ومبدعٌ فيه. فإذا اهتممنا بالسيناريو والإخراج، ولم نعط التصوير أو الصوت حقهما من الاهتمام، فإن المنتج سيكون ضعيفًا بلا شك. لذلك، فإننا أحوج ما نكون بصفتنا صنّاع أفلام، إلى اكتشاف المواهب في جميع المجالات، والاستثمار في تطويرها وتأهيلها، لكي تخدم الصناعة وترفع كفاءتها وجودة منتجاتها.