|


سعد الدوسري
بدانة البرامج الرياضية
2020-02-15
في المرحلة التأسيسية للصحافة، لم تأخذ الرياضة حيزاً كما هو الآن. كان الخبر هو الأهم، أما الرأي والتحليل، فكان غائباً حتى السبعينيات. بعدها، أخذت الصحف تتنافس في استكتاب الأقلام التي عُرف عن معظمها الانحياز لفريق دون الآخر.
وكان رؤساء التحرير يعون هذا الأمر، وبعضهم كان ميالاً لأن تحمل جريدته لون شعار هذا الفريق أو ذاك. وتطور الاهتمام بالصفحات الرياضية، إلى درجة إصدار الملاحق الأسبوعية ثم اليومية، وتصاعد إلى أن صارت لدينا صحف رياضية متخصصة، وهذا طبيعي في كل مجتمع ينمو، وتنمو معه الاهتمامات الفرعية المتنوعة، كالرياضة والفن والأزياء. وبسبب الإقبال الشديد على هذه الصحافة من قبل شريحة عريضة جداً من القراء، صار المعلنون، يتسابقون على الظفر بالحصة الأكبر من المساحات الإعلانية، لكي يسوقوا منتجاتهم من خلالها.
وبعد تطور ما نسميه بـ “الصحافة التلفزيونية”، وتحديداً بعد عام 2000، بدأ دور الصحافة الورقية ينحسر شيئاً فشيئاً، وسحبت البرامج الرياضية الحوارية اليومية، البساط من تحت ورق الصحافة، وارتفعت نسب البدانة لدى المتابعين، لكونهم يتمددون يومياً أمام الشاشات، ليشاهدوا كيف يعبر المحللون عن وجهات نظرهم في نقد المجريات الرياضية. واختفى الاهتمام السابق بالكتاب الرياضيين المعروفين، إلا من انتقل منهم إلى الشاشة الفضية، مستبدلاً الحبر الملتهب بالصراخ الانفعالي، الذي يعكس حماس المشجعين من المدرجات إلى الأثير المرئي. ووسط هذا الخليط من المحللين وأشباه المحللين، يبرز سؤال مهم:
-من نتابع، ومن لا نتابع؟!
في الواقع، لم تعد هناك معايير لتحديد الصحفي الرياضي التلفزيوني الجيد، وكذلك الأمر بالنسبة للصحفي التلفزيوني في المجالات الأخرى. اختلط الحابل بالنابل، فصار المعيار هو نسب المشاهدة، وهذه النسب لا تنحاز للمهنية، بل لعشق الإثارة الصفراء، فهي التي تبيع أكثر، وتنتشر أوسع.. وأي محاولة لحجب الرديء، ستبوء بالفشل، فإدارات البث تبحث عن تلك البرامج، لأن المعلن يبحث عنها، وعلى المعلن تعيش التلفزيونات.. وأفضل ما يمكن عمله هو التعامل مع الظواهر، على أساس أنها ظواهر. لا بد أن تحدث وأن تأخذ وقتها إلى أن تزول، كما زالت الظواهر التي قبلها. وأكيد أن في هذا الخضم المتردي، ما هو جيد، وله متابعون، مهما قل عددهم. وحين تحين الفرصة، سيظهر على السطح. هذا يعتمد على عمر الظواهر الرديئة التي تطول في الغالب.