|


سعد الدوسري
ينفجر بالحب
2020-02-16
في ثقافتنا المجتمعية، نحن نهتم بالأطفال ونوليهم المحبة والرعاية القصوى. ونادراً ما يكون بيننا من يقسو عليهم أو يعنفهم. المشكلة فقط في ضياع مفهوم مصطلح التعنيف. البعض يعتبر الضرب هو التعنيف، وأن ما عداه تربية صارمة.
أنا قبل أن أثقف نفسي في مجال التعنيف، كانت تغيب عني الكثير من الرؤى حيال هذا السلوك المتداخل. وأكبر نصيحة يمكن تقديمها للجميع، هو قراءة الكتب المفيدة في هذا المجال. وسوف لن أنصح بكتاب معين، لكيلا ندخل في مجال الاختلاف حول المؤلف وتوجهاته الفكرية. في المكتبة الرقمية عشرات الكتب العربية أو المترجمة عن التعنيف. ما أنصح به، أن تكون هناك قاعدة مشتركة للنقاش حول تعنيف الأطفال. وسوف نبني هذه القاعدة، إذا اتفقنا أن للتعنيف أشكالاً مختلفة، تبدأ بالضرب، وتنتهي بالنظرة الإيحائية. وبعدئذ، سننطلق في نقاشنا وفي حواراتنا.
هناك نسبة محدودة من التعنيف الجسدي. وقد صارت محدودة، مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، ومع تطور التطبيقات الذكية، إذ بإمكان الطفل أن يبلغ عن أية محاولة اعتداء جسدية عليه. أما نسب التعنيف الفكري أو اللفظي أو الإيحائي، فهي في ازدياد مستمر، وذلك لأننا لا نعرف عنها. وبرامج التثقيف وحدها، هي من سيقوم بتوعية الآباء والأمهات والمعلمين والمشرفين التربويين وموظفي مؤسسات الرعاية ومنسقي الألعاب الترفيهية، بالطرق الأفضل للتعامل مع نفسيات الأطفال، لكيلا يسببوا لها جرحاً، قد يكون غائراً في ذاكرة الطفلة أو الطفل إلى الأبد.
لنبدأ في التوعية، ولننتهي بالإجراءات القانونية، فبدونهما لن نستطيع ردع المستهترين بحياة ومشاعر الآخرين. وبهما معاً، سنتمكن من خلق أجيال مستقرة، وأطفال أصحاء على المستوى النفسي. علينا أن نبذل جهداً داخل البيت، وجهداً أكبر خارجه، فأطفالنا يستحقون ذلك. نحن نتعب من أجل تربيتهم وتعليمهم وكسوتهم ومطعمهم، والأحرى أن نراعي مشاعرهم، وألا يبدو منا أية إساءة سلوكية بحقهم، قد يضمرونها بداخلهم طيلة حياتهم، وقد تتحول دون وعيهم إلى مشاعر عدائية تجاه وطنهم أو أهلهم أو أنفسهم. القضية أكثر تعقيداً مما كان يبدو لنا. سأصرخ في وجهه لكي يتعلم، ولكي يعرف الخطأ من الصواب!! بالعكس، هكذا بدأنا نفهم الأمر. وهكذا علينا أن نستمر في سلوكنا، وأن نزرعه في سلوك غيرنا. الطفل كالقنبلة الموقوتة، إن وقّتناها بالشكل الصحيح، فسوف تنفجر بالحب، والعكس صحيح ومحزن.